عن أرباب هذا الشأن، وقد صحح في " مستدركه" أحاديث ساقطة ولكن قيل في الاعتذار عنه إن تصنيفه للمستدرك كان في آخر عمره، والذهبي رحمه الله لم يصحح هذا الحديث في " التلخيص".
وأما " الحديث الثالث": وهو ما أخرجاه في الصحيحين، عن أنس، قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر بالمدينة أربعاً، والعصر بذي الحليفة ركعتين، فبات بها، فلما أصبح ركب راحلته فجعل يهلل ويسبح، فلما علا على البيداء لبى بهما جميعاً، فلما دخل مكة أمرهم أن يحلوا، ونحر رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده سبع بدن قياماً ".
(والجواب) : أنه لا يخفى على من له أدنى إلمام بالسنة وأحكام المناسك أن هذه السبع المذكورة هن من المائة التي لم تنحر إلا يوم النحر، والمشهور والصحيح المعروف ما في الصحيح من حديث جابر أنه صلى الله عليه وسلم لما رمى جمرة العقبة بعد طلوع الشمس يوم النحر انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثاً وستين بدنة بيده، ونحر علي بقيتها. وجاء في أحاديث تفاصيل غير هذا وأُجيب عنها بأجوبة.
قال ابن القيم رحمه الله: والجواب: أنه لا تعارض بين الحديثين، قال أبو محمد بن حزم: مخرج حديث أنس على أحد وجوه ثلاثة (أحدها) أنه صلى الله عليه وسلم لم ينحر بيده أكثر من سبع بدن كما قال أنس، وأنه أمر من ينحر ما بعد ذلك إلى تمام ثلاث وستين، ثم زال عن ذلك المكان وأمر علياً فنحر ما بقي.
(الثاني) أن يكون أنس لم يشاهد إلا نحره صلى الله عليه وسلم