وقال عز وجل {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين}(١) في الآية الأولى من هاتين الآيتين وما ماثلها من الآيات يأمرنا الله سبحانه بالجهاد فيه حق جهاده، وحق الجهاد الذي أمرنا الله به هو الجهاد الخالص لله، الموافق لكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، بفعل الطاعات، ومن بينها الجهاد بقتال الكفار، وبترك جميع المحذورات، إمتثالاً لأمر الله، وابتغاء لمرضاته. وفي الآية الأخرى يخبر سبحانه أنه يهدي المجاهدين فيه وأنه معهم.
و" الجهاد " في اللغة: مصدر جاهد، يقال: جاهد يجاهد مجاهدة وجهاداً: إذا بذل وسعه.
وفي الشرع: له معنيان: عام، وخاص. أما " العام ": فهو أن يجتهد المسلم مستعيناً بالله في تحصيل كل ما يقر به إلى الله وفي الابتعاد عن كل ما نهاه الله عنه. وأما " الخاص " فهو قتال الكفار لتكون كلمة الله هي العليا.
وللجهاد " أربع مراتب" الأولى: جهاد النفس الثانية: جهاد الشيطان. الثالثة: جهاد أهل الظلم والبدع والمنكرات. الرابعة: جهاد الكفار والمنافقين، وقد ذكر شمس الدين ابن القيم في (زاد المعاد) هذه المراتب مجملة، ونحن نثبتها هنا بالتفصيل.
فأما جهاد النفس فهو " أربع مراتب" أيضاً: الأولى: أن يجاهد الإنسان نفسه على تعلم الهدى ودين الحق الذي لا فلاح لها ولا سعادة في معاشها ومعادها إلا به، ومتى فاتها علمه شقيت في الدارين.
وهذا هو العلم الذي افترض الله عل كل إنسان معرفته، وهو: معرفة