للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوجه الدلالة من وجهين: "أحدهما" أنه لم يسعر وقد سألوه ذلك، ولو جاز لأجابهم إليه. " الثاني": أنه علل بكونه مظلمة والظلم حرام إلى آخر ما ذكره.

وأجابوا على منع عمر رضي الله عنه حاطب بن أبي بلتعة ـ أن يبيع زبيبة بأقل من سعر السوق ـ بأن في الأثر أن عمر لما رجع حاسب نفسه، ثم أتى حاطباً في داره، فقال: إن الذي قلت لك ليس بمعرفة مني ولا قضاء، وإنما هو شيء أردت به الخير لأهل البلد، فحيث شئت فبع، وكيف شئت فبع.

وقالوا بعد ذلك في توجه المنع: بأن الناس مسلطون على أموالهم فإجبارهم على بيع لا يجب، أو منعهم مما يباح شرعاً ظلم لهم، والظلم حرام، فالتسعير بمثابة الحجر عليهم، والإمام مأمور برعاية مصلحة من المسلمين، وليس نظره في مصلحة المشتري برخص الثمن أولى من نظره في مصلحة البائع بتوفير الثمن. وإذا تقابل الأمران وجب تمكن الفريقين من الاجتهاد لأنفسهم، وإلزام صاحب السلعة أن يبيع بما لا يرضى به مناف لقوله تعالى: {إلا أن تكون تجارة عن تراضٍ منكم" (١) .

وذهب بعضهم إلى جواز التسعير إذا كان للناس سعر غالب فأراد بعضهم أن يبيع بأغلا من ذلك أو بأنقص، واحتجوا بما رواه مالك في موطئه، عن يونس بن سيف، عن سعيد بن المسيب، أن عمر بن الخطاب مر بحاطب بن أبي بلتعة وهو يبيع زبيباً له بالسوق، فقال له عمر: إما أن تزيد في السعر، وإما أن ترفع من سوقنا.


(١) سورة النساء آية ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>