للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال مالك: لو أن رجلاً أراد فساد السوق فحط عن سعر الناس لرأيت أن يقال إما لحقت بسعر الناس، وإما رفعت. وأما أن يقول للناس كلهم يعني لا تبيعوا إلا بسعر كذا فليس ذلك بالصواب.

كما ذهب بعضهم إلى أن للإمام أن يحد لأهل السوق حداً لا يتجاوزونه مع قيامهم بالواجب، روى أشهب عن مالك: في صاحب السوق يسعر على الجزارين لحم الضأن بكذا ولحم الإبل بكذا وإلا أخرجوا من السوق. قال: إذا سعر عليهم قدر ما يرى من شرائهم فلا بأس به. ولكن لا يأمرهم أن يقوموا من السوق.

واحتجوا على جواز ذلك بأن فيه مصلحة للناس بالمنع من غلاء السعر عليهم، ولا يجبر الناس على البيع، وإنما يمنعون من البيع بغير السعر الذي يحده ولي الأمر على حسب ما يرى من المصلحة فيه للبائع والمشتري.

وردوا على المانعين منه مطلقاً: أن الاستدلال بقوله صلى الله عليهوسلم: " إن الله هو المسعر القابض الباسط" إلى آخره قضية معينة، وليست لفظاً عاماً، وليس فيها أن أحداً امتنع من بيع مالناس يحتاجون إليه، بل جاء في حديث أنس التصريح بداعي طلب التسعير وهو ارتفاع السعر في ذلك، وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم منع من الزيادة على ثمن المثل في عتق الحصة من العبد المشترك فقال: " من أعتق شركاً له في عبد وكان له من المال ما يبلغ ثمن العبد قوم عليه قيمة عدل لا وكس ولا شطط فأعطى شركاءه حصصهم وعتق عليه العبد " قال ابن القيم رحمه الله في كتابه " الطرق الحكمية": فلم يمكن المالك أن يساوم المعتق بالذي يريد، فإنه لما وجب عليه أن يملك شريكه المعتق نصيبه الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>