وفي "المدونة" تحت عنوان (هدية المديان) ص١٣٩ جـ٩: قلت: ما يقول مالك في رجل له على رجل دين، أيصلح له أن يقبل منه هديته؟ قال مالك: لا يصلح له أن يقبل هديته إلا أن يكون رجلاً كان ذلك بينهما معروفاً، وهو يعلم أن هديته ليس لمكان دينه فلا بأس بذلك. ابن وهب، عن محمد بن عمرو، عن ابن جريج، أن عطاء بن أبي رباح قال له رجل: إني أسلفت رجلاً فأهدى إلي؟ فقال: لا تأخذه. قال: فكان يهدي إليّ قبل سلفتي. قال. فخذ منه. فقلت: قارضت رجلاً مالاً، فقال: مثل السلف سواء. وقال عطاء فيهما: إلا أن يكون رجلاً من خاصة أهلك وخاصتك لا يهدي إليك لما تظن فخذ منه. ابن وهب، عن يحيى بن سعيد أنه قال: أما من كان يتهادى هو وصاحبه وإن كان عليه دين أو سلف فإن ذلك لا يتقابحه أحد. قال: وأما من لم يكن يجري ذلك بينهما قبل الدين والسلف هدية فإن ذلك مما يتنزه عنه أهل التنزه. ابن وهب عن الحارث بن نبهان، عن أيوب، عن ابن سيرين: أن أبي بن كعب استلف من عمر بن الخطاب عشرة آلاف درهم، فأهدى له هدية، فردها عمر، فقال أُبي: قد علم أهل المدينة أني من أطيبهم ثمرة، أفرأيت إنما أهديت إليك من أجل مالك عليّ، إقبلها فلا حاجة لنا فيما منعك من طعامنا، فقبل عمر الهدية. أهـ.
ومن هذين النصين يعلم أن قبول هدية المديان كما لا يرضاه عبد الله بن سلام لا يرضاه عمر بن الخطاب، وأُبي بن كعب، وابن عباس، وابن عمر، وعطاء بن أبي رباح، وعلقمة، ويحيى بن سعيد، وابن سيرين، ومالك.