للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالجواب: ـ أنه لا مانع شرعاً من محاكمة الطبيب، لأنه كغيره من الناس، سواء حضر بنفسه أو وكل عنه وكيلاً. وإذ١ حوكم على أصول شرعية فقد تثبت براءته وقديدان، وإذا أُدين فليس عليه غير الكفارة وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، وعليه الدية، وتحملها العاقلة إذا بلغت الثلث فأكثر. هذا إذا لم يتعمد.

وجنس محاكمة الطبيب وتضمينه إذا تعدى أو فرط منصوص عليها في كلام العلماء. والأصل فيها حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تطيب ولم يعلم منه الطب قبل ذلك فهو ضامن " رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه. فهذا الحديث الجليل يفيد بمنطوقه ومفهومه أن الذين يعالجون الناس ينقسمون إلى أقسام:

القسم الأول ": ما أفاده منطوق الحديث، وهو أن من تعاطى مهنة الطب وهو جاهل فهو ضامن كل ما تلف بسببه من النسف فما دونها. وهذا بإجماع أهل العلم، ويكون ضمانه بالدية ويسقط عنه القصاص، لأنه لا يستبد بالمعالجة بدون إذن المريض، لكن إن كان المريض يعلم منه أنه جاهل لا علم له بالطب وأذن له في معالجته مقدماً على ما يحصل منه وهو بالغ عاقل فلا ضمان على الطبيب في هذه الحالة.

"القسم الثاني" عكس الأول، وهو ما أفاده مفهوم الحديث وهو ما إذا كان الطبيب حاذقاً وأعطى الصنعة حقها، ولم تجن يده أو يقصر في اختيار الدواء الملائم بالكمية والكيفية، فإذا استكمل كل ما يمكنه ونتج من فعله المأذون من المكلف أو ولي غير المكلف تلف النفس أو العضو فلا ضمان عليه انفاقاً، لأنها سراية مأذونة فيه كسراية الحد والقصاص.

<<  <  ج: ص:  >  >>