للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب: الحمد لله ـ أما " الحمير " فيجب على مالكها علفها وسقيها ومايصلحها، فإن أهملها وترك الانفاق عليها فهو آثم. فإن عجز عن نفقتها أجبره ولي الأمر على بيعها أو إجارتها، فإن أبي أو جهل ربهافعلى ولي الأمر أن يقوم بفعل الأصلح من حفظها لربها أو إجارتها، ويشهد عليها ويسمها. وأن رأى المصلحة في بيعها باعها وحفظ ثمنها بعد أن يكتب صفاتها وحلاها ويحتفظ بذلك حتى يجيء ربها.

وهنا أمر مهم يجب التنبيه له والتحذير منه وهو أن بعض الناس إذا تعيب الحمار أو انكسر وتعذر الانتفاع به أهمله وترك الانفاق عليه، وربما تجرأ على قتله والعياذ بالله، وهذا حرام لايجوز فعله، ومنكر قبيح يتعين أنكاره على صاحبه والنهي عنه، ومعاقبة من يفعله، وإلزامه بالنفقة على حماره مدة حياة الحمار.

وأما " الكلاب " فقد ورد الأمر بقتلها في صدر الاسلام، ثم نسخ الأمر بقتلها وبقي حكم القتل في الكلب الاسود البهيم الذي لالون فيه غير السواد وكذلك الكلب الضاري الذي عادته الأذى والاعتداء على الناس بعضهم ونباحهموشق ثيابهم وترويعهم ونحو ذلك ـ إذا كان معروفاً بهذا. وكذلك الكلب الذي يصول ولو لم يكن معروفاً بالضراوة فيقتل لصيالته. فهذه الثلاثة الأنواع يجوز قتلها، وماعداها فلا يحل قتله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب ثم نهى عن قتلها، وقال: " عليكم بالأسود البهيم فأنه شيطان " (١) وفي حديث آخر " لولا أن الكلاب أمة من الأمم لامرت بقتلها فاقتلوا منها كل اسود بهيم " (٢) وفي لفظ " أنه أمر بقتل الكلاب ثم قال: ما بالهم وبال الكلاب، ثم رخص في كلب الصيد وكلب الغنم وكلب الزرع " (٣) فنهي صلى الله عليه وسلم عن قتلها بعدما أمر به لما فيه من إفناء أمة من الأمم وجيل من الخلق؛ لأنه ما من خلق الله إلا وفيه نوع من الحكمة، وضروب من المصالح، فلما كان لاسبيل إلى إفنائها كلها أمر بقتل شرارها وهي الأسود البهيم وترك ماسواها.


(١) اخرجه مسلم والامام أحمد.
(٢) أخرجه الخمسة وصححه الترمذي.
(٣) رواه مسلم والنسائي وابن ماجه والترمذي وصححه بمعناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>