للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا لا ينافي ما جاءَ عن ابن عباس وغيره من السلف في تفسير قوله تعالى: (. إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) أنه أَنزله إلى بيت العزة من السماء الدنيا، ثم أَنزله بعد ذلك منجمًا مفرقًا بحسب الحوادث. ولا ينافي أَنه مكتوب في اللوح المحفوظ قبل نزوله، كما قال تعالى: (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ) الآية وقال: (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) الآية وقال (إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ) الآية (١) وقال (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ) الآية (٢) . وكونه مكتوبًا في اللوح المحفوظ وفي صحف مطهرة بأيدي الملائكة لا ينافي أَن يكون جبريل نزل به من الله، سواء كتبه الله قبل أَن يرسل به جبريل وغير ذلك، وإذا كان قد أَنزله مكتوبًا إلى بيت العزة جملة واحدة في ليلة القدر فقد كتبه كله قبل أَن ينزله، والله تعالى يعلم ما كان وما لا يكون أَن لو كان كيف كان يكون، وهو سبحانه قدر مقادير الخلائق وكتب أَعمال العباد قبل أَن يعملوها كما ثبت ذلك بالكتاب والسنة وآثار السلف، ثم إنه يامر الملائكة بكتابتها بعدما يعملونها، فيقابل بين الكتابة المتقدمة على الوجود والكتابة المتأخرة عنها فلا يكون بينهما تفاوت، هكذا قال ابن عباس وغيره من السلف، وهو حق. فإذا كان ما يخلقه بائنًا عنه قد كتبه قبل أَن يخلقه فكيف يستبعد أَن يكتب كلامه الذي يرسل به ملائكته قبل أَن يرسلهم به.

ومن قال: ان جبريل أَخذ القرآن عن الكتاب لم يسمعه من الله. كان هذا باطلا من وجوه:


(١) سورة عبس ١١.
(٢) الزخرف ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>