للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد استمع بعضه فقد تبعض وكلاهما ينقض قولهم، فانهم يقولون أنه معنى واحد لا يتعدد ولا يتبعض، فان كان ما سمعه موسى والملائكة هو ذلك المعنى كله كان كل منهم علم جميع كلام الله، وكلامه متضمن لجميع خبره وجميع أَمره، فيلزم كلام الله، وكلامه متضمن لجميع خبره وجميع أمره، فيلزم أَن يكون كل واحد ممن كلمه الله وأَنزل عليه شيئًا من كلامه عالمًا بجميع اخبار الله وأَوامره، وهذا معلوم الفساد بالضرورة وان كان الواحد من هؤلاء إنما سمع بعضه فقد تبعض كلامه وذلك يناقض قولهم.

وأَيضًا قوله: (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيمًا) وقوله: (وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا) (١) وقوله: (وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ) (٢) وقوله: (فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي) الآيات (٣) دليل على تكليم موسى، والمعنى المجرد لا يسمع بالضرورة، ومن قال أنه يسمع فهو مكابر. ودليل على أنه ناداه والنداءُ لا يكون إلا صوتًا مسموعًا، لا يعقل في لغة العرب لفظ النداء بغير صوت مسموع لا حقيقة ولا مجازا، وقد قال تعالى (فَلَمَّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ) إلى قوله: (رَبِّ الْعَالَمِينَ) (٤)

وأَيضًا فقوله: (فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى - إِنِّي أَنَا رَبُّكَ) (٥) وفي هذا دليل على أنه حينئذ نودي ولم يناد قبل ذلك، ولَمَّا فيها من معنى الظرف كما في قوله: (وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ


(١) سورة الأعراف ١٤٣.
(٢) سورة مريم ٥٢.
(٣) سورة القصص ٣٠.
(٤) سورة النمل ٨.
(٥) سورة طه ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>