للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَدْعُوهُ) (١) ومثل هذا قوله: (وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ) (٢) (وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ) (٣) فانه وَقَّتَ النداءَ بظرف محدود، فدل على أَن النداءَ يقع في ذلك الحين دون غيره، وجعل الظرف للنداء لا يسمع النداءُ إلا فيه، ومثل هذا قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً) (٤) وقوله: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ) (٥) وأمثال ذلك مما فيه توقيت بعض أَقوال الرب بوقت معين.

فان الكلابية ومن وافقهم من أَصحاب الأَئمة الأَربعة يقولون: انه لا يتكلم بمشيئته وقدرته، بل الكلام المعين لازم لذاته كلزوم الحياة لذاته. ومن هؤلاء من قال: انه معنى واحد لأَن الحروف والأًصوات متعاقبة يمتنع أَن تكون قديمة. ومنهم من قال: بل الحروف والأصوات قديمة الاعيان وأنها مترتبة في مقارنة وجودها لم تزل ولا تزال قائمة بذاته. ومنهم من قال: بل الحروف قديمة الأَعيان بخلاف الأَصوات. وكل هؤلاء يقولون: ان التكليم والنداءَ ليس إلا مجرد خلق ادراك في المخلوق بحيث يسمع ما لم يزل ولا يزال، لا أَنه يكون هناك كلام يتكلم الله به بمشيئته وقدرته ولا تكليم، بل تكليمه عندهم جعل العبد سامعًا لما كان موجودًا قبل سمعه، بمنزلة ما يجعل الأَعمى بصيرا لما كان موجودًا قبل رؤيته من غير احداث


(١) سورة الجن ١٩.
(٢) سورة القصص ٦٢.
(٣) سورة القصص ٦٥.
(٤) سورة البقرة ٣٠.
(٥) سورة البقرة ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>