من محمد بن إبراهيم إلى حضرة صاحب الفضيلة قاضي رابغ ... الموقر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فبالإشارة إلى خطابكم رقم١٦١ وتاريخ ٢٧/٥/٧٥ بخصوص وصية اسماعيل بن مبيريك رحمه الله بعتق الرقيق الموضحة أسماؤهم في صورة الوصية المرفقة، وتذكرون أن الوصية تنص على أن كل فرد من الرقيق المذكورين في ورقة الوصية قبل موته بعشرة أيام معتوق، وأن نص الوصية على موت المملوك لا المالك الذي هو الموصي. وأنك رأيت فتوانا المتضمنة أنه إذا ثبت ما في ورقة الوصية من العتق ثبوتاً شرعياً في حال كمال عقل الموصي وجواز تصرفه فإن المذكورين يعتقون بعد صدور الوصية بعشرة أيام، وأنه أشكل عليك الأمر، وأنا أوضح لك إن شاء الله وجه ذلك، فأقول:
لا فرق بين أن يقول اسماعيل لرقيقه المذكورين أنتم عتقاء قبل موتي بعشرة أيام وبين أن يقول قبل موت زيد بعشرة أيام، فإنهم يعتقون بعد هذه المقالة بعشرة أيام، لتبينا حينئذ أن هذا العتق من العتق في الزمن المستقبل، لا من العتق في الزمن الماضي فإنه لا يعتقون، لتبيننا أنه من العتق في الماضي، وهو غير نافذ، نظير ما لو قال لرقيقه: أنتم عتقاء قبل أمس فإنهم لا يعتقون، لكونه من العتق في الماضي.
وهذا التفصيل في الصورة الثانية هي الواقعة في وصية اسماعيل بقوله: أنتم عتقاء قبل موتكم بعشرة أيام. فإنهم يعتقون بعد مضي عشرة أيام من تلك المقالة وهم أحياء، لتبيننا أن عتقهم كان في المستقبل، وهو نافذ صحيح، بخلاف ما لو ما توا بعد تلك المقالة بسبعة أيام مثلاً فإنهم لا يعتقون، لتبيننا أن ذلك من العتق في الماضي وهو غير صحيح، نظير ما لو قال لمماليكه المذكورين أنتم عتقاء قبل أمس. وهكذا لو قال لمماليكه أنتم عتقاء قبل موت زيد بعشرة أيان فإنهم يعتقون بعد مضي عشرة أيام من تلك المقالة إذا لم يمت زيد إلا بعد مضيها. بخلاف ما لو مات زيد بعد سبعة أيان من عتقه إياهم فإنهم لا يعتقون. لتبيننا أن ذلك العتق في الزمن الماضي.