للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجود الأصل الذي تبنى عليه الأحكام الشرعية، ومن ذ ... لك نص الفقهاء فيما إذا تجارح رجلان ضمن كل واحد منهما الآخر، ولم يفرقوا بين كونهما تجارحا في بلاد أحدهما أو الآخر ولا كون القاتل أكبر أو أصغر، ولا كون المقتول فيه جراحة في ظهره أو غيره كل هذا تمسك بالأصل.

٥- أما ما نقلوه عن كلام الإمام "ابن القيم" رحمه الله عن "الطريق الحكمية" فنعم، ونحن نعمل به إذا اقتضاه الحال ولم يخالفه أصل أقوى منه، وينبغي إمعان النظر في كلام ابن القيم وإعطاءه حقه من التأمل، فغن قوله "البينة اسم لكل ما بين الحق ويظهره" حق، لكن هل ما ذكره قضاة محكمة الطائف هن مما يبين الحق ويظهره حتى يقوى على معارضته الأصل ويسقط حق الورثة من القصاص؟! كلا، فإن ما ذكروه من اعترافه بعدم العداوة وحصول العراك والتماسك بينهما ووجود الطعنات في ظهره وكتفه وكون عمر أكبر منه وكون الحادثة وقعت في بلاد سفيان وسليم الجاني نفسه كلا هذا لا يدل على أن عمر السفياني هو البادي بالجناية وأن يحيى مدافع عن نفسه.

٦- إن إجابة الجاني يحيى القرشي أول ما سئل تدل على عدم سبق عمر بالضرب، لأنه قال حين ما قطع العود (وفي هذا الأثناء تلاغيت أنا وعمر حيث قال لي ليش تقطع العود؟ فقلت قطعته لقصد تخطيل أوراق الشجرة لغنمي، وتكلمنا على بعضنا البعض وتضاربنا) الخ. فإن قوله (تلاغينا وتكلمنا على بعضنا البعض وتضاربنا) صريح بأنه ليس هناك بداءة من أحدهما على الآخر بل صار هذا منهما جميعاً.

٧- أما ما ذكروه من قولهم أنه حصل عندهم شك في كون يحيى هو المعتدي فيقال الشك لا يؤثر في اليقين ولا يبنى عليه أحكام شرعية والأصل ضمان النفس بالنفس لقوله تعالى: {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس} . الآية (١) . والاحتمالات لا توهن الأصول، وبما ذكرنا يتضح جواب ما أوردوه، وإيضاح ما أشكل عليهم والله الموفق. والله يحفظكم.

(ص/ف ١٨٥ في ٤/٣/١٣٧٨)


(١) سورة المائدة: آية ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>