للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٣٣٨٣- جناية المجانين أقسام)

من محمد بن إبراهيم إلى حضرة صاحب السمو الملكي وزير الداخلية. حفظه الله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

فقد جرى الاطلاع على أوراق المعاملة الواردة بخطاب سموكم رقم ٣٤٤٧ وتاريخ ١٥/١٠/١٣٨٤ المتعلقة بقضية كل من يعقوب بن إبراهيم برناوي وعيسى بن أحمد يماني والمتهمين بقضية قتل المسجونين في مستشفى شهار بالطائف للأمراض العقلية نظراً لوجود خلل في عقليهما، كما جرى الإطلاع على ما ارتأته وزارة الصحة من ترحيل نزلاء شهار الأجانب إلى بلدانهم وسؤالكم عن ما لدينا في ذلك.

فقد جرى تأمل ما ذكر، وظهر أنه إذا اقتضى نظر ولي الأمر ترحيلهما لبلادهما فلابد من الاحتياط لذلك بما من شأنه أن يكفل المصلحة وتنتفي به المفسدة بأن يؤمن علهما، أما الحقوق التي عليهما فلا تخلو إما أن تكون الجنية قبل جنونهما أو بعده، فإن كانت الجناية قبل لجنونهما وكان القتل عماً عدواناٌ فللورثة القصاص من الجاني ولو كان مجنونا إذا رضوا بقتله وهو بهذه الصفة، وأن عدلوا إلى الدية فتكون من ماله، لأن العاقلة لا تحم العمد المحض، وحينئذ فإن وجد المال بيع نمه مقابل الدية الواجبة عليه، وإن لم يوجد له مال وثبت إعساره فنظرة إلى ميسرة.

وإن كانت الجناية قبل جنونهما وكان القتل خطأ أو شبه عمد وكذا لو كانت بعد جنونهما مطلقاً سواء كانت عمداً أو خطأ فليس فهيا غير الدية، لأن عمد المجنون والصغير كالخطأ، وحينئذ فالدية على العاقلة، ولكن لا يحكم بها على العاقلة بمجرد اعتراف الجاني، بل لابد من ثبوتها بالوجه الشرعي، كما لابد من حضور من ينوب عن العاقلة وقت المحاكمة حتى يسمع الدعوى ويدافع عن حقوق موكله، فإن لم يمكن حضور من ينوب عن العاقلة فيكون الحكم غيابياً وللعاقلة حق الاعتراض والإدلاء بما ليدهم عندما يتبلغون بالحكم، لأن الغائب على حجته، والله الموفق، والسلام.

(ص/ف ٣٠٨٠/١ في ٢٦/١١/١٣٨٤) مفتي الديار السعودية.

<<  <  ج: ص:  >  >>