للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكنت رأيت عدم إجابة السائل لذلك، لكن نظراً إلى أن للسائل حقاً وإلى فشو تعاطي هذا الخبيث بما لا يخطر على البال آثرت الجواب على ذلك.

فأقول: لا زيب في خبيث الدخان ونتنه، وإسكاره أحياناً، وتفتيره.

وتحريمه بالنقل الصحيح، والعقل الصريح، وكلام الأطباء المعتبرين.

أما النقل الصحيح فقول الله تعالى: {الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث} (١) . وفي الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (كل مسكر خمر وكل خمر حرام) . ولمسلم (وكل مسكر حرام) . وروى أبو داود والترمذي وحسنه، عن عائشة مرفوعاً: (كل مسكر حرام وما أسكر الفرق منه فملو الكف منه حرام) .

وكل من الآية الكريمة والأحاديث الصحيحة دال على تحريمه، فإنه خبيث مسكر تارة ومفتر تارة أخرى، لا يمارى في ذلك إلا مكابر للحس والواقع. ولا ريب أيضاً في إفادتها تحريم ما عداه من المسكرات والمفترات.

وروى الإمام أحمد وأبو داود، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: (نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كل مسكر ومفتر) . قال الحافظ الزين العراقي إسناده صحيح، وصححه السيوطي في (ألجامع الصغير) .

وفيه من إضاعة المال واستهلاك المبالغ الطائلة المسببة لضلع الدين الحامل على بيع كثير من ضروريات الحياة في هذا السبيل ما لا يسع أحد إنكاره. وفي الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنعا وهدت. وكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال. وإضاعة المال) .

يوضحه ما سنذكره من كلام العلماء من أرباب المذاهب الأربعة، فمن ذكر تحريمه من فقهاء الحنفية الشيخ محمد العيني ذكر في رسالته تحريم التدخين من أربعة أوجه:

أحدها: كونه مضراً للصحة بأخبار الأطباء المعتبرين، وكل ما كان كذلك يحرم استعماله اتفاقاً.


(١) سورة الأعراف - آية ١٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>