ثانيهما: كونه من المخدرات المتفق عليها عندهم، المنهي عن استعمالها شرعاً، لحديث أحمد، عن أم سلمة:(نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كل مسكر ومفتر) وهو مفتر باتفاق الأطباء، وكلامهم حجة في ذلك وأمثاله باتفاق الفقهاء، سلفاً وخلفاً.
ثالثها: كون رائحته الكريهة تؤذي الناس الذين لا يستعملونه، وعلى الخصوص في مجامع الصلاة ونحوها، بل وتؤذي الملائكة المكرمين. وقد روى الشيخان في صحيحهما عن جابر مرفوعاً:(من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزلا وليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته) . ومعلوم أن رائحة التدخين ليست أقل كراهية من رائحة الثوم والبصل. وفي الصحيحين أيضا عن جابر رضي الله عنه:(أن الملائكة تتأذى منه الناس) . وفي الحديث عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:(من أذى مسلماً فقد آذاني) ومن آذاني فقد أذى الله) رواه الطبراني في الأوسط عن انس رضي الله عنه بإسناد حسن.
رابعاً: كونه سرفاً، إذ ليس فيه نفع مباح خال عن الضرر، بل فيه الضرر المحقق بأخبار أهل الخبرة. ومنهم أبو الحسن المصري (الحنفي) قال ما نصه: (الآثار النقلية الصحيحة، والدلائل العقلية الصريحة تعلن بتحريم الدخان.
وكان حدوثه في حدود الألف، وأول خروجه بأرض اليهود والنصارى والمجوس، وأتى به رجل يهودي يزعم أنه حكيم إلى أرض المغرب. ودعا الناس إليه، وأول من جلبه إلى البر الرومي رجل اسمه الأنكلين من النصارى، وأول من أخرجه ببلاد السودان المجوس. ثم جلب إلى مصر والحجاز وسائر الأقطار.
وقد نهى الله عن كل مسكر. وإن قيل: إنه لا يسكر فهو يخدر ويفتر أعضاء شاربه الباطنة والظاهرة، والمراد بالإسكار مطلق تغطية العقل وإن لم تكن معه الشدة المطربة، لا ريب أنها حاصلة لمن يتعاطاه أول مرة، وإن لم يسلم أنه يسكر فهو يخدر ويفتر.
وقد روى الإمام أحمد وأبو داود عن أم سلمة: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كل مسكر ومفتر) . وقال العلماء: المفتر ما يورث الفتور والخدر في