التدخين، لأن الدخان يصل إلى الفم حاراً، ومن طريق النارجيلة والقصبة المعروفة بالغليون.
وقد أثبت الأطباء له مضاراً عظيمة، وقالوا: إنها تكمن في الجسم أولاً ثم تظهر فيه تدريجياً، وذكروا أن الدخان الذي يتصاعد عن أوراق التبغ المحترقة يحتوي على كمية وافرة من المادة السامة هي النيكوتين، فإذا دخل الفم والرئتين أثر فيهما تأثيراً موضعياً وعمومياً، لأنه عند دخوله الفم تؤثر المادة الحريقة السامة التي فيه في الغشاء المخاطي فتهيحه تهيجاً قوياً، وتسيل منه كمية زائدة من اللعاب، وتغير تركيبه الكيماوي بعض التغيير بحيث تقلل فعله في هضم الطعام، وكذلك تفعل في مفرز المعدة كما فعلت في مفرز الفم، فيحصل حينئذ عسر الهضم. وعند وصول الدخان إلى الرئتين على طريق الحنجرة تؤثر فيهما المادة الحريقة فتزيد مفرزهما، وتحدث فيهما التهاباً قويا مزمناً، فيتهيج السعال حينئذ لإخراج ذلك المفرز الغزير الذي هو البلغم، ويتسبب عن ذلك تعطيل الشرايين الصدرية، وعروض أمراض صدرية يتعذر البرء منها، وما يجتمع على باطن القصبة من آثار التدخين الكريهة الرائحة يجتمع مثله على القلب فيضغط على فتحاته، ويصدر عنه الهوى، فيحصل حينئذ عسر التنفس وتضعف المعدة، ويقل هضم الطعام.
ويحصل عند المباشر له الذي لم يعتده دوار وغثيان وقيء وصداع وارتخاء للعضلات وهي الأعصاب ثم سبات، وهي كناية عن حالة التخدير الذي هو من لوازم التبغ المتفق عليه. وذلك لما يحويه من المادة السامة، ومن اعتاده حصل عنده من فساد الذوق وعسر الهضم وقلة القابلية للطعام ما لا يخفى.
والإكثار منه يفضي إلى الهلاك إما تدريجياً وإلا في الحال، كما وقع لأخوين تراهنا على أيهما أكثر من الآخر فمات أحدهما قبل السيجارة السابعة عشرة، ومات الآخر قبل أن يتم الثامنة عشرة.
ومن مضاره تخريب كريات الدم، وتأثيره على القلب بتشويش انتظام ضرباته، ومعارضته القوية لشهية الطعام، وانحطاط القوة العصبية عامة، ويظهر هذا بالخدور والدوار الذي يحدث عقب استعماله لمن لم يألفه.
ويحكي الأستاذ مصطفى الحمامي عن نفسه مرة أنه قال: كنت أمشي يوماً