مع احد طلبة العلم، فعرج على بائع دخان اشترى منه سيجارتين أشعل إحداهما وأقسم علي يميناً أن آخذها واستعملها. قال: فتناولت السيجارة أجذب في دخانها وأنفخه من فمي دون أن يتجاوز الفم للداخل، رأى هو ذلك فقال ابتلع ما تجذبه فإن قسمي على هذا، لم أمانع وفعلت ما قال نفساً واحداًَ والله ما زدت عليه، وإذن دارت الأرض حولي دورة تشبه دورة المغزل، فبادرت إلى الجلوس على الأرض، وظننت بصاحبي الظنون، وبكل تعب وصلت إلى بيتي وأنا راكب وهو معي يحافظ علي، وبعد ذلك مكثت إلى آخر اليوم التالي تقريباً حتى أحسست بخفة ما كنت أجده، فحكيت هذا لكثير من الناس استكشف ما كان يخبؤ لي في السيجارة، فأخبروني أن الدخان يعمل هذا العمل في كل من لم يعتده، فقلت: إذا كان نفساً واحداً فعل بي كل هذا فلماذا تفعله الأنفاس التي لا تعد كل يوم يجتذبها معتاد الدخان خصوصاً المكثر منه. اهـ.
ومنها إحداث الجنون المعروف بالتوتوني، وهو أن من يتركه ممن اعتاد على استعماله يختل نظام سيره في أعماله وأشغاله حتى يدخنه، فإذا دخنه سكن حاله.
وقذ ذكر جمع من أكابر العلماء وجهابذة الأطباء أن من العقل فضلا عن الشرع وجوب اجتناب التدخين حفظاً للصحة ودفعاً لدواعي الضعف الجالب للهلاك والدمار، وخصوصاً ضعيف البنية وكبير السن الذي ليست عنده قوة لمكافحة الأمراض وأصحاب المزاج البلغمي.
ولذلك يتركه كثير من الناس خوفاً من ضرره وكراهية لرائحته، وقد يعلقون طلاق نسائهم على العود إليه يريدون بذلك تركه نهائياً، فإذا حمل إليهم وقت الحاجة إليه لم يستطيعوا الإعراض عنه أبداً، بل يقبلون عليه بكلياتهم كل الإقبال ولو طلقت نسائهم، فله سلطان عظيم على عاشقيه وتأثير على العقل وذلك أن شاربه يفزع إلى شربه إذا نزل به مكدر فيتسلى ويذهل العقل بعض الذهول فيخفف حزنه. والله أعلم. وصلى الله على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه وسلم. قال ذلك وأملاه الفقير إلى عفو مولاه: محمد ابن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ.