تاريخ الشمس السخاوي في منظومته المشهورة، وقد أخبرني محدث مكة شرفها الله أنه قرأها على مؤلفها حمزة المذكور، وأجازه بها:
ولا تاكلن القات رطباً ويابساً ... فذلك مضر داؤه فيه أعضلا
فقد قال أعلام من العلماء إن ... هذا حرام للتضرر مأكلاً
ومنها أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كل مسكر ومفتر قال في النهاية: ما معناه أن المفتر ما يكون منه حرارة في الجسد وانكسار. وذلك معلوم ومشاهد في القات ومستعمليه كسائر المسكرات، وإن كان يحصل منها توهيم نشاط أو تحققه فإن ذلك مما فضل من الانتشاء والسكر الحاصل من التخدير للجسد، وكذلك يحصل من الإكثار والإدمان على المسكر، حتى الخمر خدر يخرج إلى الرعشة والفالج ويبر الدماغ ودوام التغير للعقل وغير ذلك من المضار، لكن القات لم يكن فيه من الطبع إلا ما هو مضرة دينية ودنيويه، لأن طبعه اليبس والبرد فا يصحبه شيء من الحرارة واللين فلا يظهر الضرر فيها إلا مع الإدمان عليها، وهذا محصل من الضرر في الأغلب ما في (الأفيون) من مسخ الخلقة وتغيير الحال المعتدلة في الخلق والخلق، وهو يزيد في الضرر على الأفيون حيث أنه لا نفع فيه يعلم قط وأن ضرره أكثر، وفيه كثرة يبس الدماغ والخروج عن الطبع وتقليل شهوة الغذاء والبأة ويبس الأمعاء والمعدة وبردها وغير ذلك. ومنها أن جميع الخصال المذمومة التي ذكرها في الحشيشة موجودة في القات مع زيادة حصول الضرر فيها به قوام الصحة وصلاح الجسد من إفساد شهوة الغذاء والبأة والنسل وزيادة التهالك عليه الموجب لإتلاف المال الكثير الموجب للسرف.
ومنها أنه إن ظن أن فيه نفعاً فهو لا يقابل ضرره. ومنها أنه شارك كل المسكرات في حقيقة الاسكار وسببه من التخدير وإظهار الدم وترقيقه ظاهر البشرة مع نبذ الدسومة من الدماغ والجسد إلى الظاهر، وليس فيه حرارة ولين يبدلان ما نبذه من الحرارة واللين إلى ظاهر الجسد بخلاف الخمر والحشيش فلهذا أكثر ضرراً.
إلى أن قال: وقال بعض مدرسي الحنفية زرت بعض متصوفة اليمن بالمسجد الحرام فأعطاني قليلاً من القات وقال لي تبرك بأكل هذا فإنه مبارك. فأكلت منه فوجدت فيه تخديراً، فذكرت له كلام من ينفي ذلك فقال: إن عندي معرفة بالطب وبدني معتدل المزاج والطبع. فالذي أدركه بواسطة ذلك