حرام، ومن شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها لم يشربها في الآخرة) رواه البخاري ومسلم، فقال بعد الكلام على هذا الحديث: وهنا أجد مناسبة وفرصة سانحة للحديث عن (القات) و (التنباك) والابتلاء بهما عندنا كثير، وهما من المصائب والأمراض الاجتماعية والفتاكة، وإلا يكونا من المسكر فضررهما قريب من ضرر الخمر والميسر، لما فيهما من ضياع المال، وذهاب الأوقات، والجناية على الصحة، وبهما يقع التشاغل عن الصلاة وكثير من الواجبات المهمة. إلى أن قال: ومعلوم من (القات) أنه يؤثر على الصحة البدنية، ويحطم الأضراس، ويهيج الباسور، ويفسد المعدة، ويضعف شاهية الأكل، ويدر السلاس وهو الودي، وربما أهلك الصلب، وأضعف المني، وأظهر الهزال، وسبب القبض المزمن، ومرض الكلا، وأولاد صاحب القات غالباً يخرجون ضعاف البنية صغار الأجسام قصار القامة قليلاً دمهم مصابين بعدة أمراض خبيثة، وهذا مع ما يبذل أهله فيه من الإدمان العالية المحتاج إليها، ولو أنهم صرفوها في الأغذية الطيبة وتربية أولادهم أو تصدقوا بها في سبيل الله لكان خيراً لهم، وصدق شاعرنا:
عزمت على ترك التناول اللقات ... صيانة عرضي أن يضيع وأوقاتي
وقد كنت من هذا المضر مدافعاً ... زماناً طويلاً رافعاً أصواتي
فلما تبينت المضرة وانجلت ... حقيقته بادرته بالمناوات
طبيعته اليبس المسلم ببردة ... أخا الموت كم أفنيت منا الكراماتي
وقيمة شاربي القات في أهل سوقه ... كقيمة ما يدفعه في ثمن القاتي
وإنهم ليجتمعون على أكله من منتصف النهار إلى غروب الشمس، وربما استمر الاجتماع إلى منتصف الليل، ياكلون الشجر، ويفرون أعراض الفائبين، ويخوضون في كل باطل، ويتكلمون فيما لا يعنيهم.
ويزعم بعضهم أنه يستعين به على قيام الليل، وأنه قوت الصالحين. ويقولون: جاء به الخضر من جبل قاف للملك ذي القرنين، ويروون فيه من الحكايات والأقاصيص شيئاً كثيراً، وربما رفع بعضهم عقيرته بقوله:
صفت وطابت بأكل القات أوقاتي
كله لما شئت من دنيا وآخرة ... ودفع ضر وجلب للمسرات
ومن الشيوخ الذين قضى القات على أضراسهم من يدقه ويطرب لسماع