للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منه إذا وجد شيخاً يوقفه على ألفاظ القرآن، فأما عند العجز عما يلقن فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، فيجوز عند الضرورة ما لا يجوز عند الرفاهية، فإذا قرأ في المصحف والحالة هذه فلا حرج عليه، ولو فرض أنه قد يحرف بعض الكلمات عن لفظها على لغته ولفظه فقد قال الإمام أبو عبيد: حدثني هشام بن إسماعيل الدمشقي، عن محمد ابن شعيبن عن الأوزعي: أن رجلاً صحبهم في سفر، قال: فحدثنا حديثاً ما أعلمه إلا رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن العبد إذا قرأ فحرف أو أخطأ كتبه الملك كما أنزل وحدثنا حفص بن غياث، عن الشيباني، عن بكير بن الأخنس، قال كان يقال: إذا قرأ الأعجمي والذي لا يقيم القرآن كتبه الملك كما أنزل. اهـ.

((خاتمة))

استحسنا أن نختم هذا البحث بقصة لها صلة بالموضوع رواها القرطبي في تفسيره في الكلام على قول الله تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} روى بسنده إلى يحيى بن أكثم، قال كان للمأمون وهو أمير إذ ذاك مجلس نظر، فدخل في جملة الناس رجل يهودي حسن الثوب حسن الوجه طيب الرائحة، قال: فتكلم فأحسن الكلام، قال: فلما تقوض المجلس دعاه المأمون فقال له: إسرائيلي؟ قال نعم. قال: اسلم حتى أفعل لك وأصنع، ووعده، فقال: ديني ودين آبائي، وانصرف. قال: فلما كان بعد سنة جاءنا مسلماً، قال فتكلم على الفقه فأحسن الكلام، فلما تقوض المجلس دعاه المأمون وقال: ألست صاحبنا بالأمس؟ قال له: بلى قال: فما كان سبب إسلامك؟ قال: انصرفت من حضرتك فأحببت أن أمتحن هذه الأديان وأنت تراني حسن الخط فعمدت غلى التوراة فكتبت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت وأدخلتها الكنيسة فاشتريت مني، وعمدت إلى الإنجيل فكتبت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت وأدخلتها إلى الوراقين فاشتريت مني، وعمدت غلى القرآن فكتبت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت وأدخلتها الوراقين فتصفحوها فلما وجدوا فيها الزيادة والنقصان رموا بها فلم يشتروها، فعلمت أن هذا الكتاب محفوظ، فكان هذا سبب إسلامي، قال يحيى بن أكثم، فحججت تلك السنة فلقيت سفيان ابن عيينة فذكرت له الخبر، فقال: مصداق هذا في كتاب الله عز وجل. قال: قلت في موضع. قال: في قول تبارك وتعالى في التوراة والإنجيل: {بما استحفظوا من كتاب الله} (١) . فجعل حفظه إليهم فضاع، وقال عز وجل: {إن نحن نزلنا الذكر


(١) سورة المائدة: آية ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>