وأنت لم تذكر تفسير الصحابة لهذه الآية، نعم ذكرت حديثاً أخرجه البخاري عن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو تفسير للآية، ولو اقتصرت عليه لكنت ملتزماً طريق السلامة، وهذا أوان الشرع في تفصيل الجواب:
١- أما الواجب في هذا الباب وتقريره فهو أن يقال:
القول في آيات الصفات وأحاديثها ما قال الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، وما قاله أئمة الهدى بعد هؤلاء الذين أجمع المسلمون على هدايتهم ودراستهم، وهذا هو الواجب على جميع الخلق في هذا الباب ويره، وبيان ذلك من وجهين:
الأول: بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق ليخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد، وشهد له بأنه بعثه داعياً إليه بإذنه وسراجاً منيراً، وأمره أن يقول:{قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني}(١) وتفصيل هذا الوجه من طرق ثلاثة:
"إحداها": يستحيل عقلاً وشرعاً أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم على هذا الوصف ويكن ترك باب الإيمان بالله والعم به ملتبساً مشتبهاً ولم يميز بينما يجب لله من الأسماء الحسنى والصفات العليا وما يجوز عليه وما يمتنع عليه، وتقرير هذا الطريق أن معرفة ذلك أصل الدين وأساس الهداية وأفض وأوجب ما اكتسبته القلوب وحصلته النفوس وأدركته العقول؛ فكيف يكون ذلك الكتاب وذلك الرسول وأفضل الخلق كله بعد النبيين لم يحكموا بهذا الباب اعتقاداً وقولاً؟!
"الطريق الثاني": يستحيل عقلاً وشرعاً أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد علم أمته كل شيء حتى الخراءة، وقال:"تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك" وقال فيما صح عنه: "ما بعث الله من نبي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينهاهم عن شر ما يعلمه لهم".
وروى البخاري عن أبي ذر رضي الله عنه قال:"لقد توفي رسول الله وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علماً، وروى البخاري عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قال: "قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم