للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقاماً فذكر بدأ الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم، حفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه".

"الطريق الثالث": يستحيل عقلاً وشرعاً أن يعلمهم كل شيء لهم فيه منفعة في الدين وإن قل أن يترك تعليمهم ما يقولونه بألسنتهم ويعتقدونه في قلوبهم في ربهم ومعبودهم رب العالمين الذي معرفته غاية المعارف، وعبادته أشرف المقاصد، والوصول إليه غاية الطالب؛ بل هذا خلاصة الدعوة النبوية وزبدة الرسالة الإلهية فكيف يتوهم من في قلبه أدنى مسكة من إيمان وحكمة أن لا يكون بيان هذا الباب قد وقع من الرسول صلى الله عليه وسلم على غاية التمام.

"الوجه الثاني": وإذا كان قد وقع ذلك منه كما تقدم تقريره فيستحيل شرعاً وعقلاً أن لا يكون منقولاً عنه، وتقرير هذا الوجه من طرق أربعة:

"الأول": يمتنع شرعاً وعقلاً أن يكون خير الأمة وأفضل قرونها قصروا في هذا الباب زائدين فيه أو ناقصين عنه.

"الطريق الثاني": لا يجوز شرعاً وعقلاً أن تكون القرون المفضلة القرن الذي بعث فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم غير عالمين وغير قائلين في هذا الباب بالحق والمبين، لأن ضد ذلك إما عدم العلم والقول وإما اعتقاد نقيض الحق وقول خلاف الصدق وكلاهما ممتنع، وتقرير ذلك في مقامين:

"الأول": أما من في قلبه أدنى حياة وطلب للعلم أو نهمة في العبادة يكون البحث عن هذا الباب والسؤال عنه ومعرفة الحق فيه أكبر مقاصده واعظم مطالبه أني بيان ما ينبغي اعتقاده لا معرفة كيفية الرب وصفاته، وهذا المر معلوم بالفطرة، وإذا ثبت اللازم ثبت لملزوم.

"الثاني": وأما القول بأنهم كانوا معتقدين فيه غير الحق أو قائليه فهذا لا يعتقده مسلم ولا عاقل عرف أتباع محمد صلى الله عليه وسلم على بصيرة من الأمر.

"الطريق الثالث": أنهم أعلم الأمة بعد نبيها على اختلاف مراتبهم في العلم وهذا شامل للعلم بالله والعلم بأمر الله، ثم أن العم بالله يقصد منه علم التوحيد بجميع متعلقاته قولاً وعملاً واعتقاداً.

"الطريق الرابع": بما أنهم بلغوا هذا المبلغ من العلم والفضل هل يمكن أن يقول قائل أنهم لم يبلغوا ما تقلوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى من بعدهم، وهذا لا يقوله رجل يؤمن بالله وملائكته ورسله وباليوم الآخر وبالقد خيره وشره

<<  <  ج: ص:  >  >>