للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبيل الاستقامة، وكل طرقة سوى طريقتهم فإنها ضلال مبين؛ لقوله تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً (١) } .

وأما عقيدة الجهمية في أهل السنة والجماعة فهي أنهم يعتقدون أنهم لم يفهموا هذه الشريعة على الوجه المراد منها؛ وإنما هم نقلة ألفاظ لمن بعدهم فقط، ثم جاء الخلف الذين هم الجهمية ومن شاكلهم فأدركوا معاني النصوص وفسروها وبينوا الوجه المراد منها. وهذا ناشئ عن أمرين:

"الأول": يقول جهم ومن تبعه: إن جميع ما ورد في باب الأسماء والصفات لم يدل على صفة باعتبار الحقيقة ثم أخذوا يتخبطون في شرع الله ويصرفون هذه النصوص عما نص عليه بعضها وما دل عليه البعض الآخر بظاهره إلى معاني فاسدة مخالفة لأصول الشريعة والعقل الصحيح.

"الثاني": اعتمدوا في وصف السلف الصالح بالجهل، ووصفهم أنفسهم بالعلم، وتلاعبهم بالأدلة على ما تقتضيه عقولهم وتمليه عواطفهم وتشتهيه نفوسهم الأمارة بالسوء ويوحيه إليهم شياطينهم من الإنس والجن وتسلطهم عليه أهواؤهم، ركبوا مراكب الردى فهلكوا وأهلكوا، وانصرفوا عن طريق الحق {صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ} .

٣- وأما مذهب السلف في باب أسماء الله وصفاته نفيا وإثباتاً، فإنهم يعتقدون أن الله بعث رسله بنفي مجمل وإثبات مفصل، أما "النفي": فإنهم ينفون عن الله ما لا يليق بجلاله وعظمته نفياً مجملاً.

وأما "الإثبات المفصل" فإنهم يثبتون له من الأسماء والصفات إثباتاً مفصلاً، أما الأول فكقوله تعالى: {فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِياًّ} . وقوله تعالى: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ} . وقوله تعالى: {فَلاَ تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} .

وأما الثاني: فكقوله تعالى: {اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ} . إلى قوله تعالى: {وَهُوَ العَلِيُّ العَظِيمُ} . وقوله تعالى: {وهو العلي الحكيم} {وهو السميع البصير} {وهو العزيز الحكيم} {وهو الغفور الودود. ذو العرش المجيد. فعال لما يريد} .


(١) سورة النساء: آية ١١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>