أيها الأخوان إن رابطة العالم الإسلامي هي أقوى من كل رابطة، أقوى من رابطة النسب، وأقوى من رابطة الوطن، وأقوى من رابطة اللون، فالمسلم أخو المسلم يتألم بآلامه، ويحزن لحزنه، ويفرح لفرحه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر". وقال النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته بمنى في أواسط أيام التشريق وهو على بعير.
(٤٥٤٥- الكلمة التي ارتجلها حضرة صاحب السماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ في افتتاح الدورة الرابعة لاجتماعات رابطة العالم الإسلامي في ١٥/٧/١٣٨٣هـ)
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
غير خاف على المشائخ الفضلاء ما من الله به من نعمة الإسلام، وبعثه النبي صلى الله عليه وسلم، فإن من أكبر نعمة أنعم الله بها على عباده بعثة هذا النبي الكريم وما جاء به وأنزل عليه صلى الله عليه وسلم من القرآن العظيم، وهذا هو أكبر ناموس طرق العالم وهذه الشيء هو الضروري للخلق في معاشهم ومعادهم، وشمل ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم جميع المصالح الكلية والجزئية، بعث صلى الله عليه وسلم بكمال بيانه، وكمال حفظ ما من الله به تعالى من هذه النعمة العظيمة تثبيتاً وتشريعاً وإيجاباً وفرضاً لأوامره الشرعية التي تضمنها كتابه وسنة رسوله المطهرة.
ويعلم جميع المشائخ الفضلاء أننا مغزوون في عقر دارنا من "صفين" من الناس: أحدهما أعداء الدين العداوة المحضة والصادون عن سبيل الله صداً بيناً صراحاً، والقسم الثاني من يتسمون بديننا وينتسبون إليه وهم في الحقيقة أعداؤه والساعون في هدمه من أصله، ولم يصل العدو الصريح من الإفرنج إلى ما وصلوا إليه من أغراضهم ولا نالوا ما نالوه من المسلمين إلا بسببهم، فهم أعظم شيء ضرراً على الدين، وعند بعضهم من النفاق الاعتقادي النصيب الوافر، وعند بعضهم من الإلحاد ما أخرجهم من الدين، وكل محنة وكل سوء يكاد به الإسلام بكل بلية من البلايا لم يصب بها المسلمون إلا من قبلهم، والواقع أصدق شاهد، والعقل يسبر فينظر، والمتعين على المسلمين الصمود أمام هؤلاء بالتعاون والتعاضد عن جد وصدق، والتمسك حقاً بما بعث الله به