رسوله محمد صلى الله عليه وسلم من الدين الحنيف الذي أساسه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله علماً، واعتقاداً، وعملاً، وإخلاصاً، ومتابعة للسنة، وكشف شبه أولئك من نصوص الكتاب والسنة، فإنهما الكفيلان بما يحصل به المقصود من إيضاح الحجة المحمدية، وقد قال الله تعالى:{وَلاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً} . وقال تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} . ويصمد أمام الفريق الثاني بالمستطاع من الجهاد وهو جهاد السيف والسنان، وهو من أهم الفروض وأعظم الواجبات، ولا قوام لدين ولا حفظ للكيان إلا بذلك، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المَصِيرُ} .
وقال تعالى:{وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ} . ولا ريب في شمول هذه الآية الكريمة القسمين المتقدم ذكرهما، وشمولها أيضاً لقسمي الجهاد: جهاد السيف والسنان وجهاد الحجة والبيان.
ونحن أيها الأخوة معبودنا واحد جل شأنه، ونبينا واحد صلى الله عليه وسلم، وقبلتنا واحدة زادها الله تكريماً وتشريفاً، فواجب علينا أن نكون يداً واحدة قوية في القيام بالواجب الذي أوجبه على جميع المسلمين ولاسيما جملة الشريعة، ومعلوم عند الجميع أنه إذا لم يقم بواجب ذلك أهل العلم بالبيان والحجة لم يقم به سواهم، فواجب علينا التعاضد والتعاون بالجد والاجتهاد في تأييد هذا الحق، واستعمال هذا النوع الشاع، والاستضاءة به في الطريق المستقيم. وعلينا أن نسلكه وأن نتمسك به ونستنصر الله بتمسكنا به، والله سبحانه وتعالى وعد بنصر من نصره:{الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ المُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ} . فقد أخبر أصدق القائلين جل شأنه أنه ناصر من نصره، وقد أكد ذلك بالقسم وبنون التأكيد، فلنتأمل من هم المنصورون الذين أقسم رب العالمين هنا أن ينصرهم: هم أشخاص بأعينهم، أو قبيلة بعينها، أو ملك بعينه، أو أهل بلد معينة أو هم من نصره أي نصر دينه من الناس كائنين من كانوا؟!