للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَين يطلب النجاة في غير طريقته؟ أَيدع مسلم اتباع من لا يشك أَنه على الصراط المستقيم، وأَنه رسول رب العالمين، أَرسله بالهدى ودين الحق، ويتبع الشيطان الذي أَخبره الله عنه بقوله: (*) (١) . قال: فإِن قال الموسوس: هذا مرض ابتليت به. قلنا: نعم، سببه قبولك من الشيطان ولم يعذر الله أَحدًا بذلك.

وقال شيخ الإِسلام ابن تيمية بعد أَن ذكر عدة بدع من بدع الوسوسة في الصلاة: فلو مكث أَحدهم - أَي الموسوسين - عمر نوح عليه السلام يفتش هل فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أَو أَحد من أَصحابه شيئًا من ذلك لما ظفر به إِلا أَن يجاهر بالكذب البحت، ولو كان خيرًا لسبقونا إِليه ولدلونا عليه. فإن كان الذي كانوا عليه هو الهدى والحق فماذا بعد الحق إِلا الضلال. اهـ. نقله عنه ابن القيم في ((إِغاثة اللهفان)) .

والحقيقة أَن من نظر في حالة الموسوس تبين له مقاربته الجنون وإِنكاره الحقائق؛ فإِنه يكبر ويقول ما كبرت، ويقرأُ بلسانه ويقول ما قرأْت، وينوي بالصلاة ويريدها ويقول ما نويتها ولا أَردتها. ولا شك أَن هذا مكابرة للعيان وجحد ليقين النفس ولهذا أَفتى الإِمام ابن عقيل رجلا قال له: إِني أُكبر وأَقول ما كبرت. أَفتاه ابن عقيل بما روى ابن الجوزي عن بعض مشايخه عنه أَنه قال لذلك الرجل: دع الصلاة. فقيل لابن عقيل: كيف تقول هذا. فقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((رفِعَ الْقلم عَن


(١) سورة فاطر ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>