وسننت لكم قيامه (١) ولا صلاتها جماعة بدعة بل هي سنة في الشريعة، بل قد صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجماعة في أول شهر رمضان ليلتين، بل ثلاثاً، وصلاها أيضاً في العشر الأواخر في جماعة مرات وقال:" إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة " لما قام بهم حتى خشوا أن يفوتهم الفلاح رواه أهل السنن، وبهذا الحديث احتج أحمد وغيره على أن فعلها في الجماعة أفضل من فعلها في حال الانفراد. وفي قوله هذا ترغيب في قيام شهر رمضان خلف الإمام وذلك أوكد من أن يكون سنة مطلقاً. وكان الناس يصلونها جماعة في المسجد على عهده صلى الله عليه وسلم ويقرهم، وإقراره سنة منه صلى الله عليه وسلم.
وأما استدلال الشنقيطي على استحسان الابتداع في الدين بما عزاه إلى عمر بن عبد العزيز أنه قال: تحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور، يقصد الشنقيطي بذلك القياس، أي فكذلك تحدث لهم مرغبات في الخير بقدر ما أحدثوا من الفتور، فقد أجاب الإمام الشاطبي في " الاعتصام" عن هذا الاستدلال بأمور:
"أولها" أن هذا قياس في مقابلة النص الثابت في النهي عن الابتداع، وهو من باب فساد الاعتبار.
" الثاني" إن هذا قياس على نص لم يثبت بعد من طريق مرضي.
"الثالث" أن هذا الكلام على فر ثبوته عن عمر بن عبد العزيز لا يجوز قياس إحداث العبادات عليه، لأن كلام عمر إنما هو في معنى عادي يختلف فيه مناط الحكم الثابت فيما تقدم كتضمين الصناع، أو الظنة في توجيه الأيمان دون مجرد الدعاوي،