فيقول إن الأولين توجهت عليهم بعض الأحكام لصحة الأمانة والديانة والفضيلة، فلما حدثت أضدادها اختلف المناط فوجب اختلاف الحكم وهو حكم رادع أهل الباطل عن باطلهم، فأثر هذا المعنى ظاهر مناسب، بخلاف ما نحن فيه فإنه على الضد من ذلك.
ألا ترى أن الناس إذا وقع فيهم الفتور عن الفرائض فضلاً عن النوافل ـ وهي ما هي من القلة والسهولة ـ فما ظنك بهم إذا زيد عليهم أشياء أخرى يرغبون فيها ويحضون على استعمالها، فلاشك أن الوظائف تتكاثر حتى تؤدي إلى أعظم من الكسل الأول وإلى ترك الجميع، فإن حدث للعامل بالبدعة هو في بدعته أو لمن شايعه فيها فلابد من كسله عن ماهو أولى، قال فصارت هذه الزيادة عائدة على ماهو أولى منها بالإبطال أو الإخلال، وقد مر أنه ما من بدعة تحدث ألا ويموت من السنة ماهو خير منها.
" الرابع ": إن هذا القياس مخالف لأصل شرعي وهو طلب النبي صلى الله عليه وسلم السهولة والرفق والتيسير وعدم التشديد، فزيادة وظيفة لم تشرع تظهر ويعمل بها دائماً في مواطن السنن هي تشديد بلا شك، فليس قصد عمر بن عبد العزيز بهذا الكلام على فرض ثبوته عنه فتح السبيل إلى إحداث البدع.::::::
وقال العلامة قاسم بن عيسى بن ناجي المالكي في " شرح رسالة القيرواني، في معنى: تحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور، قال معناه، ما أحدثوا من الفجور مما ليس فيه نص، وقال: قال التقي السبكي في الكتاب الذي ألفه في شأن رافضي جاهر بلعنة أبي بكر الصديق وقال فيه: عدو الله فقتله القاضي المالكي، قال في هذه الكلمة بعدما عزاها إلى مالك بن أنس بلفظ: يحدث للناس