والنساء الفاتنات، إما مختلطات بهم أومشرفات، ويقصن بالتثني والانعطاف، والاستغراق في اللهو ونسيان يوم المخاوف: وكذلك النساء إلا اجتمعن على انفرادهن رافعات أصواتهن بالتهنيك والتطريب في الانشاد، والخروج في التلاوة والذكر عن المشروع والأمر المعتاد، غافلات عن قوله تعالى (إن ربك لبالمرصاد) وهذا الذي لا يختلف في تحريمه اثنان، ولا يستحسنه ذو المروءة من الفتيان، وإنما يحلو ذلك لنفوس موتى القلوب، وغير المستقلين من الآثام والذنوب، وأزيدك أنهم يرونه من العبادات لا من الأمور المنكرات، فإنا لله وإنا إليه راجعون " بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ" ولله در شيخنا القشيري حيث يقول فيما أجازناه:
قد عرف المنكر واستنكر الـ ... معروف في أيامنا الصعبة
وصار أهل العلم في وحدة ... وصار أهل الجهل في رتبه
حادوا عن الحق فما للذي ... ساروا به فيما مضى نسبه
فقلت للأبرار أهل التقى ... والدين لما اشتدت الكربه
لاتنكروا أحوالكم قد أتت ... نوبتكم في زمن الغربه
قال الفاكهاني: ولقد أحسن أبو عمرو بن العلا حيث يقول: لا يزال الناس بخير ما تعجب من العجب.
هذا مع أن الشهر الذي ولد فيه النبي صلى الله عليه وسلم ـ وهو ربيع الأول ـ هو بعينه الذي توفي فيه، فليس الفرح فيه بأولى من الحزن فيه: وهذا ما علينا أن نقول، ومن الله تعالى نرجو حسن القبول.