وقال الشيخ أبو الحسن ابن عبد الله بن الحسن النباهي المالقي الأندلسي في كتابه " المرقبة العليا، فيمن يستحق القضاء والفتيا " في ترجمة القاضي أبي عبد الله محمد بن عبد السلام المنستيري: إن الأمير أبا يحيى استحضره مع الجملة من صدور الفقهاء للبيت بدار الخلافة والمثول بين يديه " ليلة الميلاد " الشريف النبوي، إذ كان قد أراد إقامة رسمه على العادة المغربية من الاحتفال في الأطعمة، وتزيين المحل بحضور الأشراف، وتخير القوالين للأشعار المقرونة بالأصوات المطربة فحين كمل المقصود من المطلوب، وقعد السلطان على أريكة ملكه ينظر في ترتيبه، والناس على منازلهم بين قاعد وقائم، هز المسمع طاره، وأخذ يهنؤهم بألحانه، وتبعه صاحب يراعه كعادته من مساعدته، تزحزح القاضي أبو عبد الله عن مكانه، وأشار بالسلام على الأمير، وخرج من المجلس، وتبعه الفقهاء بجملتهم إلى مسجد القصر فناموا به.::::::
فظن السلطان أنهم خرجوا لقضاء حاجتهم، فأمر وزراءه بتفقدهم، والقيام بخدمتهم إلى عودتهم، وأعلم الوزير الموجه لما ذكر القاضي بالغرض المأمور به فقال له: أصلحك الله، هذه الليلة المباركة التي وجب شكر الله عليها، وجمعنا السلطان ـ أبقاه الله ـ من أجلها، لو شهدها نبينا المولود فيها صلوات الله وسلامه عليه لم يأذن لنا في الاجتماع علىما نحن فيه من مسامحة بعضنا البعض في اللهو ورفع قناع الحياء، بمحضر القاضي والفقهاء، وقد وقع الاتفاق من العلماء على أن المجاهرة بالذنب محظورة، إلا أن تمس إليها حاجة كالإقرار بما يوجب الحد أو الكفارة، فليسلم لنا الأمير ـ أصلحه الله ـ في العقود بمسجده هذا إلى الصباح، وإن كنا في مطالب أُخر من تبعات رياء ودسائس أنفس وضروب غرور،