للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما في ذلك من تشقيق لحم الميت وتقطيعه، وقد نص الفقهاء على أنه يحرم قطع شيء من أطراف الميت وإتلاف ذاته وإحراقه، واستدلوا بحديث " كسر عظم الميت ككسر عظم الحي" (١) قالوا ولو أوصى به فلا تتبع وصيته لحق الله تعالى. قالوا: ولوليه أن يحامي عنه ويدافع من أراد قطع طرفه ونحوه بالأسهل فالأسهل كدفع الصائل، وإن آل ذلك إلى اتلافه ولا ضمان. قالوا: ولا يجوز استعمال شعر الآدمي احتراماً له مع الحكم بطهارته، لقوله تعالى: {ولقد كرمنا بني آدم} (٢) وكذلك عظمه وسائر أجزائه، واستدلوا بأشياء أخرى تركنا إيرادها اختصاراً.

ومما استدل به المجيزون أن حرمة الحي أعظم من حرمه الميت، وأن الضرورات تبيح المحظورات. وهذا الترقيع لإعادة البصر يمكن قياسه على الحاجة إلى استنقاذ الحياة بدافع الهلاك، أو إلى منع إتلاف العضو عندما يتوقف ذلك على تناول بعض المحرمات. وقد صرح الفقهاء أنه يسوغ بل يجب تناول مثل هذا لدفع الهلاك، قالوا: ويجوز كشف عورة الرجل والمرأة لأجل العلاج ودفع الأذى مع أن ذلك محرم في الأصل وإنما أبيح لأجل الحاجة أو الضرورة وكما يجوز ترقيع جلد الآدمي بأجزاء من جلده، وكما يجوز نقل الدم من آدمي لآخر لاستنقاذ حياته أو تعجيل برئه، ولهم أدلة غير هذه. وأما رأيي الخاص فأنا متوقف في حكم هذه المسألة، مع أني أميل


(١) رواه ابن ماجه وأبو داود وابن حبان في صحيحه، ويأتي.
(٢) سورة الاسراء ـ آية ٧٠.::::::

<<  <  ج: ص:  >  >>