(والرجل وبلاؤه) أي شجاعته وثباته الذي ابتلى به في سبيل الله. والمراد مشقته وسعيه واجتهاده في قتال الأعداء. -قال رضي الله عنه- (والرجل وحاجته) أي مقدار حاجته وفي لفظ وفاقته. فإنه كان -رضي الله عنه- يقدم الفقراء. وفي لفظ وعياله أي ممن يمونه.
فلا مزية لأحد في أصل الاستحقاق. وإنما التفاوت في التفاضل بحسب اختلاف المراتب والمنازل. وإما بتنصيص الكتاب والسنة. وإما بحسب بلائه. وإما لشدة احتياجه وكثرة عياله. وذكر شيخ الإسلام نحو هذا أيضاً ثم قال وإذا عرفت أن العطايا بحسب منفعة الرجل وبحسب حاجته في مال المصالح. وفي الصدقات أيضًا. فما زاد على ذلك لا يستحقه الرجل إلا كما يستحق نظراؤه. وليسوا ملاكًا كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "والله إني لا أعطي أحدًا ولا أمنع أحدًا. وإنما أنا قاسم أضع حيث أمرت".
وقال ونص العلماء على أنه يجب أن يقدم في مال الفيء والمصالح أهل المنفعة العامة وإذا كان العطاء لمنفعة المسلمين لم ينظر إلى الآخذ هل هو صالح النية أو فاسدها. وإنما العطاء بحسب المصلحة الدينية. فكلما كان لله أطوع ولدينه أنفع فالعطاء فيه أولى. وإعطاء محتاج إليه في إقامة دين الله وقمع أعدائه وإظهاره وإعلائه أعظم من إعطاء من لا يكون كذلك. وإن كان الثاني أحوج.