طرقه. فرواه أبو داود من طريق كثير بن زيد عن الوليد بن رباح. وقال الحاكم على شرطهما. وصححه ابن حبان وحسنه الترمذي. وأخرجه الحاكم من حديث أنس وعائشة. وأحمد من حديث سليمان بن بلال. وكتب به عمر إلى أبي موسى. ولا ريب أن الطرق الكثيرة من جهات متفاوتة يشد بعضها بعضًا. فتصلح للاحتجاج بها.
أما الصلح على الإقرار فجوازه ظاهر النصوص. وأما الصلح على الإنكار ففيه تفصيل. فإن كان المدعي يعلم أن له حقًا عند خصمه جاز له قبض ما صوالح عليه. وإن كان خصمه منكرًا. وإن كان يدعي باطلًا فإنه يحرم عليه الدعوى. وأخذ ما صولح به. والمدعى عليه إن كان عنده حق يعلمه وإنما ينكر لغرض وجب عليه تسليم ما صولح به عليه. واتفقوا على أنه لا يحل أن يصالحه على بعض حقه. وهو يعلمه. وإن كان يعلم أن له عنده حقًا جاز له إعطاء جزء من ماله في دفع شجار غريم وأذيته. وحرم على المدعي أخذه. وبهذا تجتمع الأدلة.
قال ابن القيم قول من منع الصلح على الإنكار أنه يتضمن المعاوضة عما لا تصح المعاوضة عليه. وهو إنما افتدى نفسه من الدعوى واليمن. وتكليف إقامة البينة. وليس هذا مخالفًا لقواعد الشرع. بل حكمة الشرع وأصوله وقواعده ومصالح المكلفين تقتضي ذلك.