(ولأبي داود) وغيره (عن أم سلمة) رضي الله عنها (مرفوعًا قال اذهبا) وذلك أنه جاء رجلان يختصمان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مواريث بينهما قد درست. ليس بينهما بينة فقال "إنكم تختصمون إليَّ وإنما أنا بشر ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض. وإنما أقضي بينكم على نحو ما أسمع. فمن قضيت له من حق أخيه شيئًا فلا يأخذه. فإنما أقطع له قطعة من النار يأتي بها اسطامًا في عنقه يوم القيامة" فبكى الرجلان. وقال كل واحد منهما حقي لأخي. فقال "أما إذا قلتما فاذهبا"(فاقتسما) يعني تلك المواريث التي كانت بينهما. وقد درست (ثم توَخَيا) بفتح الواو والخاء أي اقصدا (الحق) فيما تصنعان من القسمة.
(ثم استهما) أي ليأخذ كل واحد منكما ما تخرجه القرعة من القسمة. ليتميز سهم كل واحد منكما عن الآخر (ثم ليحلل كل واحد منكما صاحبه) أي ليسأل كل واحد منكما صاحبه أن يجعله في حل من قِبَله بإبراء ذمته. فدل على صحة الصلح بمعلوم عن مجهول. ولكن لا بد مع ذلك من التحليل. ودل على صحة التحليل من المعين المعلوم. وهو إجماع. وأن من حلل خصمه من مظلمة لا رجوع له في ذلك. أما المعلوم فلا نزاع فيه. وأما المجهول الذي يتعذر علمه من دين أو عين بمعلوم فيصح لهذا الخبر وغيره. ولئلا يفضي إلى ضياع المال. أو بقاء شغل الذمة. وإن لم يتعذر علمه فكبراءة من مجهول.