قال تعالى:{وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ} يعني وإن كان الذي عليه الدين معسرًا {فَنَظِرَةٌ} أمر في صيغة الخبر تقديره فعليه نظرة {إِلَى مَيْسَرَةٍ} أي إلى اليسار والسعة. وأمر تعالى بالصبر على المعسر الذي لا يجد وفاء. ثم ندب إلى الوضع عنه فقال:{وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُون} وفي الحديث "من سره أن يظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله فلييسر على معسر أو ليضع عنه" وفي رواية "من نفس عن غريمه أو محا عنه كان في ظل العرش يوم القيامة" وفي الحديث القدسي "أنا أحق من ييسر أدخل الجنة" وفي فضل التيسير على المعسر وإنظاره أحاديث كثيرة.
ودلت الآية وغيرها على أن المعسر الذي لا يقدر على الوفاء شيء من دينه لا يطالب به ويجب إنظاره ويحرم حبسه وملازمته. وإن ادعى العسرة وكان الحق ثبت عليه في غير مقابلة مال أخذه. كأرش جناية ومهر وضمان. ولم يعرف له مال حلف وخلي سبيله قال علي -رضي الله عنه- حبس الرجل بعد معرفة ما عليه من الحق ظلم. قال ابن القيم هذا الحكم عليه جمهور الأمة فيما إذا كان عليه دين عن غير عوض مالي.
قال والذي يدل عليه الكتاب والسنة وقواعد الشرع أنه لا يحبس في شيء من ذلك. إلا أن يظهر بقرينة أنه قادر مماطل. سواء كان دينه عن عوض أو عن غير عوض. وسواء لزمه باختياره أو بغير اختياره.