(ولهما عن ابن عباس) -رضي الله عنهما- (مرفوعًا العائد في هبته) أي الذي يهب شيئًا ثم يرجع فيه (كالكلب يقيء) أي يستخرج ما في جوفه (ثم يرجع) وفي لفظ ثم يعود (في قيئه) وهذا من أبلغ الزجر. وللبخاري "ليس لنا مثل السوء الذي يعود من أبلغ الزجر. وللبخاري "ليس لنا مثل السوء الذي يعود في هبته كالكلب يرجع في قيئه" فدل على تحريم الرجوع في الهبة اللازمة. وهو مذهب جمهور أهل العلم. سواء عوض عنها أولًا. لأن الهبة المطلقة لا تقتضي ثوابًا إلا ما استثناه الشارع. وهو ما إذا وهب لولده فله الرجوع فيه.
(وعنه مرفوعًا لا يحل للرجل أن يعطي العطية فيرجع فيها) وفيه "مثل الرجل يعطي العطية ثم يرجع فيها كمثل الكلب أكل حتى إذا شبع قاء ثم رجع في قيئه" إلا ما استثناه النبي - صلى الله عليه وسلم - كقوله (إلا الوالد فيما يعطي ولده) أي فله الرجوع بشرطه (رواه الخمسة) وغيرهم (وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم وغيرهم. قال الحافظ وغيره القول بتحريم الرجوع في الهبة بعد أن تقبض مذهب جمهور العلماء. إلا هبة الوالد لولده فيجوز له أن يرجع فيما وهب لابنه. وهذا مذهب الجمهور. وذلك بأن يكون ما وهبه عينًا باقية في ملك الابن. وباقية في تصرفه. وأن لا تزيد عند الولد زيادة متصلة. وأن لا يكون الأب قد أسقط حقه من الرجوع. وإن أفلس الابن وحجر عليه فلا رجوع للأب.