للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحد {أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللهِ} أي ثم تقول هي أربع مرات أشهد بالله {إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} أي عليها فيما رماها به من الزنى، وذلك أن تقول أربع مرات أشهد بالله لقد كذب علي فيما رماني به من الزنى (والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين) أي فيما رماها به من الزنى.

وذلك أنه حيث لا شاهد له إلا نفسه مكنت المرأة أن تعارض أيمانه بأيمان مكررة مثلها وسن أن يأمر الحاكم من يضع يده على فم زوج وزوجة عند الخامسة ويقول: اتق الله فإنها الموجبة وعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة وذكر ابن رشد وغيره أن صفة اللعان عند جماهير العلماء على ما تضمنته ألفاظ الآيات الكريمة وإذا تم اللعان سقط عنه الحد إن كانت محصنة، والتعزير إن كانت غير محصنة بلا نزاع، أو كانت ذمية أو أمة، وثبتت الفرقة بينهما بتحريم مؤبد، وخصها بالغضب لأن المغضوب عليه هو الذي يعرف الحق ويحيد عنه، ولعظم الذنب بالنسبة إليها، واختير في حقه اللعن لأنه قول وهو الذي بدأ به.

ويسن تلاعنهما قيامًا لما يأتي، ولأنه أبلغ في الردع بحضرة جماعة لحضور ابن عباس وغيره، فإن نكلت صارت أيمانه مع نكولها بينة قوية لا يعارض لها. قال ابن القيم: والذي يقوم عليه الدليل أن الزوجة تحد وتكون أيمان الزوج بمنزلة الشهود،

كما قاله مالك والشافعي، قال: ويحكم بحدها إذا نكلت عن الأيمان، وهو الصحيح وهو الذي يدل عليه القرآن في قوله {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} والعذاب ههنا هو العذاب المذكور في أول السورة، فأضافه أولاً وعرفه، باللام ثانيًا، وهو عذاب واحد، اهـ، وجزم به الشيخ وغيره.

وإن قذف الصغيرة أو المجنونة عزر ولا لعان، لأنه أيمان لا تصح من غير مكلف وإن قال وطئت زوجته بشبهة أو مكرهة أو نائمة فلا لعان بينهما، لأنه لم يقذفها بما يوجب الحد، وإن قال لم تزن ولكن ليس هذا الولد مني فشهدت امرأة ثقة أنه ولد على فراشه لحقه نسبه.

(وعن ابن عمر) رضي الله عنهما (قال: سأل فلان) وفي رواية رجل من الأنصار وفي حديث ابن عباس هلال بن أمية، وفي لفظ أنه أول من سأل عن ذلك (رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أرأيت لو وجد أحدنا امرأته على فاحشة، أي أخبرني عن حكم من يقع له ذلك (كيف يصنع) قاله غيره منه على فساد فراشه، وفي لفظ حديث سهل في قصة عويمر العجلاني لو أن رجلاً وجد مع امرأته رجلاً كيف يصنع (إن تكلم تكلم بأمر عظيم) وهو قذف زوجته (وإن سكت سكت على مثل ذلك) أي على أمر عظيم. وفي قصة عويمر إن تكلم جلدتموه أو قتل قتلتموه أو سكت سكت على غيظ (فلم يجبه) وثبت أن سعدًا قال: يا رسول الله لو وجدت مع أهلي رجلاً لم أمسه حتى أتى بأربعة شهداء

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «نعم» قال كلا والذي بعثك بالحق إن كنت لأعاجله بالسيف قبل ذلك، فقال: «اسمعوا إلى ما

<<  <  ج: ص:  >  >>