اتفقوا على أنه إذا عفا أحد الأولياء من الرجال سقط القصاص وانتقل الأمر إلى الدية، وإن عفت امرأة فقال أبو حنيفة والشافعي وأحمد يسقط القود واختلفت الرواية عن مالك، وقال ابن رشد ومن له العفو بالجملة فهم الذين لهم القيام بالدم، والذين لهم القيام بالدم هم العصبة عند مالك، وعند غيره كل من يرثه، وعمدتهم اعتبار الدم بالدية.
وقال الشيخ: ولاية القصاص والعفو ليست عامة لجميع الورثة بل تختص بالعصبة، وهو مذهب مالك وتخرج رواية عن أحمد، وقال: إذا اتفق الكبار من الورثة على القتل فلهم ذلك عند أكثر العلماء، وإذا اتفق جماعة على قتل شخص فلأولياء الدم أن يقتلوهم، ولهم أن يقتلوا بعضهم، وإذا عفا أولياء المقتول عن القاتل، بشرط أن لا يقيم في هذا البلد ولم يف بهذا الشرط لم يكن العفو لازمًا، بل لهم أن يطالبوه بالدية في قول أكثر العلماء.
(وله) أي لأبي داود وغيره (عن أنس) رضي الله عنه أنه قال: (لا يرفع إليه - صلى الله عليه وسلم - أمر في القصاص) شمل القصاص في النفس فما دونها من الشجاج وكسر العظام (إلا أمر فيه بالعفو) ولمسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: «ما من رجل يصاب في جسده فيتصدق به إلا رفعه الله به درجة، وحط به عنه خطيئة» ولأحمد من حديث عبد الرحمن بن عوف أنه - صلى الله عليه وسلم - أقسم على ثلاث منها "ولا يعفو عبد