وقال:{وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ} أي إذا دعيتم إلى إقامتها، فلا تخفوها ولا تغلوها، بل أظهروها قال ابن عباس شهادة الزور من أكبر الكبائر، وكتمان الشهادة كذلك {وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} أي فاجر قلبه، وفيها من الوعيد الشديد، حتى قيل: ما أوعد الله على شيء كإيعاده على كتمان الشهادة قال: {وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} وأراد به مسخ القلب، نعوذ بالله من ذلك، وخص القلب لأنه موضع العلم بها.
فدلت الآية على أن أداء الشهادة فرض عين على من تحملها متى دعي إليها إن قدر بلا ضرر يلحقه في بدنه أو عرضه أو ماله أو أهله، لما تقدم من قوله {وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ} ثم قال تعالى: {وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ} أي: بيان الشهادة وكتمانها {عَلِيمٌ} فلا يخفى عليه خافية، وإذا غلب على ظن الشاهد أنه يمتحن فيدعى إلى القول المخالف للكتاب والسنة، أو إلى محرم، فلا يسوغ له أداء الشهادة اتفاقًا اللهم إلا أن يظهر قولاً يريد به مصلحة عظيمة.
(وقال) تعالى: {كُونُوا} أي أيها الذين آمنوا {قَوَّامِينَ} أي قائمين لله {بِالْقِسْطِ} أي بالعدل، فلا تعدلوا عنه يقينًا ولا شمالاً ولا تأخذكم في الله لومة لائم، ولا يصرفكم عنه صارف {شُهَدَاءَ لِلهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} أي قولوا الحق ولو على أنفسكم ولو ضرره عليك، فإن الله يجعل لمن أطاعه مخرجًا من كل أمر يضيق عليه، ثم قال:{أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} فلا تراع