بينهما حائلا من تراب ليصير كل واحد كأنه في قبر منفرد ولا سيما إن كانا أجنبيين. وإذا دفن اثنين فأكثر في قبر واحد فإن شاء سوى بين رءوسهم وإن شاء حفر قبرا طويلا وجعل رأس كل واحد عند رجلي الآخر أو وسطه كالدرج ويجعل رأس المفضول عند رجلي الفاضل.
ويكره دفن اثنين فأكثر معا من غير ضرورة وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وإحدى الروايتين عن أحمد اختارها الشيخ وغيره. وكذا دفن واحد بعد واحد قبل بلاء السابق لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يدفن كل ميت في قبر. وعلى هذا استمر فعل الصحابة ومن بعدهم من السلف والخلف. وإذا وجد عظام ميت دفنها في محلها.
ولا يدفن آخر عليه بل يحرم نبش قبر ميت باق لذلك. ومتى ظن أنه بلي جاز ومتى كان رميما جازت الزراعة والحرث وغير ذلك ما لم يخالف شرط واقف إجماعا وإلا فلا. وفي المدخل اتفق العلماء على أن الموضع الذي دفن فيه المسلم وقف عليه ما دام منه شيء ما موجودا فيه حتى يفنى فإذا فني حينئذ يدفن غيره فيه فإن بقي شيء ما من عظامه فالحرمة باقية كجميعه والعظام تبقى مدة طويلة ولا تأثير لتمزق اللحوم.
ولا يجوز أن يحفر عليه ولا يدفن معه غيره ولا يكشف عنه اتفاقا قال تعالى {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا * أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا}