لقوله {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} واعتباره كونه واجدا لقوت يوم وليله أمر لا بد منه لأن المقصود من شرع الفطرة إغناء الفقراء في ذلك اليوم. ولو لم يعتبر لكان ممن أمرنا بإنائه في ذلك اليوم. لا بإخراجه وإغناء غيره. ولا قائل بوجوبها علىمن لم يملك قوته.
وقوله "فرض رسول الله صدقة الفطر على الغني والفقير" لا يدخل فيه من لم يقدر إلا على قوت نفسه أو عياله. لأن القوت ضروري وحفظ النفس مقدم على غيره ولا واجب مع ضرورة. ولا يمنعها الدين إلا بطلبه لوجوب أدائه إذا. ولقوله "لا صدقة إلا عن ظهر غنى" فيبدأ به، وهو قول الجمهور. لأنه لا فضل عنده.
(وعن أبي سعيد) الخدري رضي الله عنه (قال كنا في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -) وهذا من قبيل المرفوع (نخرج زكاة الفطر صاعا من طعام) أي حنطة. فإنه اسم خاص له وحكي اتفاقا. بدليل ذكر الشعير والبر على تلك الأقوات. وهو الطعام في عرف أهل الحجاز. وقال الخطابي يستعمل فيه عند الإطلاق وللدراقطني من حديث أبي هريرة "أو صاعا من قمح" وله أيضًا "أدوا صاعا من بر".
وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم. يرون أنه لا يجزئ أقل من صاع من بر أو غيره. ولهما من حديث أبي سعيد: كنا نخرج صاعًا من طعام. حتى قدم معاوية المدينة