وإذا كان هذا العامل إنما يعمل للدنيا ولأجل العوض الذي أخذه لم يكن حجه عبادة لله وحده. فلا يكون من جنس ما كان على الأول. وإنما تقع النيابة المحضة ممن غرضه نفع أخيه المسلم. لرحم بينهما أو صداقة. كما هو في الأخبار أو غير ذلك. وله قصد في أن يحج بيت الله الحرام ويزور تلك المشاعر العظام. فيكون حجه لله. فيقام مقام حج المستنيب.
واستحب بعضهم أن يحج عن أبويه إن كانا ميتين أو عاجزين. ويقدم أمه لأنها أحق بالبر. ويقدم واجب أيبه لإبراء ذمته. وعن زيد بن أرقم مرفوعا "إذا حج الرجل عن والديه يقبل عنه وعنهما واستبشرت أرواحهما في السماء وكتب عند الله برا" رواه الدارقطني. وله عن جابر نحوه. وتقدم ذكر ما في فعل القرب وإهدائها لقريب ونحوه. وأن فعلها عن نفسه ودعاءه لهم أفضل. وأنه الذي استمر عليه عمل السلف.
(ولأبي داود عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمع رجلا يقول لبيك عن شبرمة) أي نيابة عنه في الحج والعمرة (قال من شبرمة) المنوب عنه (قال أخ لي) أي من النسب أو قريب لي شك من الراوي (قال) يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - للرجل الذي سمعه يلبي عن شبرمة (حججت عن نفسك) وروي يا ابن نبيشة (قال لا) أيلم أحج عن نفسي (قال حج عن نفسك) يعني أولا (ثم حج عن شبرمة) قال الحافظ رواته ثقات. وله شاهد مرسل.