للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورجالا- حتى خصوصياتهم وزواجهم وكل قضاياهم دوما «١» .

فكان صلّى الله عليه وسلّم لكل واحد منهم أكثر من أب وأم وأخ، يبذل من خاصة نفسه ولا يبقي لنفسه- إن بقي- إلا بعد أن يكتفي الآخرون، يعطي من كل ما عنده لدينهم ودنياهم، من ماله وتوجيهه وحبه الذي لا ينضب، والذي تجاوز أصحابه إلى أتباعه وإخوانه في كل جيل حتى يرث الله الأرض ومن عليها، ولأهل الأرض أجمعين. فهو النبي الذي أرسله الله رحمة للعالمين، وهو رسوله إلى الناس كافة.

وكان صلّى الله عليه وسلّم يمضي مع صحابته في الأمر حتى ينجزه، ويسعى معه أو قبله لذلك، حتى يصل به إلى النهاية بعون الله. وهو صلّى الله عليه وسلّم الذي يبدأ بإثارة الكلام عن قضية أحدهم، ويسأل عنها، ليسعى قبل صاحبها في حلّها وإنجازها، مهما كانت ضخمة وصعبة، يبحث عن طريق لحلها، ويتولى شأنها بنفسه، وهو القصد من سؤاله. وفي كل مسألة نماذج وشواهد كثيرة وفيرة غزيرة.

ومرة جاءه أعرابي، وقد أقيمت الصلاة، فأخذ الأعرابيّ ثوبه صلّى الله عليه وسلم وقال: إنما بقي من حاجتي يسيرة، وأخاف أنساها، فقام معه حتى فرغ من حاجته، ثم أقبل فصلى «٢» ، فأي اهتمام هذا؟!!

وقد جرى ذلك مع كل واحد من صحابته- نساء ورجالا، صغارا


فغزا البحر فمات، فأيهما أكثر احتمالا؟ الثانية: قصة إسلامه، فروايات تذكر أنه عقبي نقيب، وهي نفسها حين تتحدث عن زواجه بأم سليم، مما يفهم منه أنه أسلم بعد الهجرة الشريفة إلى المدينة المنورة قبل بدر أو بعدها. وقبل هذا لا نجد له مشاهدات أو مشاهد في معترك الأحداث. وبعد (٣٤ هـ) لا نجد له أمثالها!!
(١) حياة الصحابة، (٢/ ٦٦٩) وما بعدها.
(٢) أخرجه البخاري: كتاب الأذان، باب الإمام تعرض له الحاجة بعد الإقامة، رقم (٦١٦، ٦١٧) . ومسلم، (٣٧٦) . (وفيه جواز الفصل بين الإقامة والإحرام إذا كان لحاجة، أما إذا كان لغير حاجة فهو مكروه) . فتح الباري، (٢/ ١٢٤) . السيرة النبوية، الندوي، (٣٨٥) .

<<  <   >  >>