للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا، إنّا لصبر في الحرب صدق في اللقاء. لعل الله يريك منا ما تقرّ به عينك، فسر بنا على بركة الله» «١» . فسّر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بذلك ونشّطه وقال: «سيروا وأبشروا فإنّ الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين، والله كأني الآن أنظر إلى مصارع القوم» «٢» .

ثم عبّر سعد عن حب المسلمين والأنصار الذين يتحدث بلسانهم للرسول صلى الله عليه وسلّم واستعدادهم للبذل في سبيل الله وأن من تخلف منهم كان بسبب عدم توقعهم قتالا فقال: (يا نبي الله ألا نبني لك عريشا تكون فيه ونعدّ عند ركائبك ثم نلقى عدونا فإن أعزنا الله وأظهرنا على عدونا كان ذلك ما أحببنا وإن كانت الآخرى جلست على ركائبك فلحقت بمن وراءنا من قومنا، فقد تخلف عنك أقوام يا نبي الله ما نحن بأشد لك حبا منهم ولو ظنوا أنك تلقى حربا ما تخلفوا عنك، يمنعك الله بهم يناصحونك ويجاهدون معك) «٣» ، فأثنى عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ودعا له بالخير، ثم بني لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم عريش فكان فيه.

وهكذا استحقت هذه النوعية نصر الله تعالى في بدر، أول لقاء بين المسلمين والمشركين، ورغم التفاوت الذي ما كان يظن أحد أن تدور الدائرة عليهم. أتى نصر الله الذي كانت ثقة الرسول صلّى الله عليه وسلّم به والمسلمين عالية جدا وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [آل عمران:

١٢٣] .

وهكذا سمى الله سبحانه وتعالى يوم بدر يوم الفرقان وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [الأنفال:

٤١] . وهذا هو الحق المبين الذي عاشه المسلمون وأدركوه.


(١) سيرة ابن هشام، (١/ ٦١٥) (سيرة ابن هشام شرح الخشني، ٢/ ٣٠٦) . وانظر: زاد المعاد، (٣/ ١٧٣) . مغازي الذهبي، (١٠٧) .
(٢) سيرة ابن هشام، (١/ ٦١٥) .
(٣) سيرة ابن هشام، (١/ ٦٢٠- ٦٢١) . سيرة ابن هشام شرح الخشني، (٢/ ٣١٣) .

<<  <   >  >>