للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكن المعجزة هنا متضامنة متضمنة متداخلة «١» .

أما المعجزات الآخرى التي أتمها وأجراها الله تعالى على يديه، ورآها صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من المعجزات، وكذلك المعجزات الإخبارية (الغيبية) التي كان صلّى الله عليه وسلّم يلقيها، بما كشف الله تعالى له، سواء من معرفة الأشخاص أو دعاء لأحد أو على أحد بإنجاز، منعا وتثبيتا، أو بإخبار من الأحداث، كان الصحابة يعرفون ذلك. مثلما ورد عن عديّ بن حاتم «٢» ، وبعضها كانوا يستغربونها أو يستفسرونها لجدّتها، ومثلما جرى لسراقة بن مالك بن جعشم. بل إن ذلك كان مفهوما حتى لغير المسلمين، بل- وأكثر من ذلك- لمن كانوا يحاربونه، كما جرى لأبي بن خلف وأخيه أمية وأبي لهب (عمه) «٣» .

وهذه المعاني يكفي أن ترى- من خلال صحبة هذه السيرة- ليس علما يتابع أو يدرس أو يؤلّف أو يحاضر، لكن من خلال المعايشة العملية والوقوف في ميادينها، مستشعرا معانيها ملتصقا بمبانيها معبرا عن تطبيقاتها، بشمول وتكامل وامتداد. والحق أن هذا هو أحد مضامين الهدف المرجو من وراء دراسة السيرة النبوية الشريفة.

وعلى هذا ربما أجد المبرر فيما أردده، من أن كثرة كاثرة من المسلمين لا يعرفون سيرة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فأقول: دعوني أزعم ذلك. وهذا في حالة ما يمكن ألا يكون كثرة يستسلمون لهذه المقولة ولا يقرّون بها ويرونها مبالغة وبعيدة.

فكانت السيرة النبوية الشريفة أعلى مرتقى للإنسانية في صياغة الإنسان.


(١) انظر: هنا، (٧٠- ٧١، ٨٢، ٣٧٥، ٣٧٧) .
(٢) انظر: سير أعلام النبلاء، (٣/ ١٦٤) .
(٣) السيرة النبوية، ابن هشام، (١/ ٦٥٢) ، (٣/ ٨٤) . السيرة النبوية، الذهبي، (١/ ١٨٤- ١٨٥) . السيرة النبوية، أبو شهبة، (٢/ ١٢٦) ، (١٩٩) . انظر كذلك: أعلاه.

<<  <   >  >>