للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكانوا- أهل الحديبية- جديرين بها وبوصف الرسول صلى الله عليه وسلم لهم: «أنتم اليوم خير أهل الأرض» «١» .

ولعل وصفهم هذا غير قاصر على زمانهم بل كذلك شامل لكل زمان ومكان وإنسان، بعد منزلة الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام. فهنيئا لهم تلك الصحبة والمكانة. والرسول صلى الله عليه وسلم بيّن ذلك في أحاديث كثيرة، جملة وتفصيلا. ودعا إلى محبتهم والاقتداء بهم والأخذ عنهم. فهم الحفظة والأمنة، على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وانظر ما ورد في كتب الحديث الشريف في مناقب وفضائل الصحابة الكرام، من ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم «لا تسبّوا أصحابي فو الذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه» «٢» .

فإذا كان هذا موجّها للصحابة أنفسهم، فكيف بمن بعدهم؟

فلينظر كل هؤلاء الذين يتقوّلون على الصحابة الكرام رضي الله عنهم أو ينالون منهم أو يتهجمون عليهم. فماذا يكونون هم إذا، الذين يفعلون ذلك؟

والله تعالى قد رضي عنهم وأثنى عليهم في أكثر من موضع من القرآن الكريم، ووقرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة. إذا فما الذي يتبعونه في إسلامهم، وهم من أي نوع من المؤمنين المسلمين؟ أم أنهم في أية قافلة يلتحقون ويسيرون وينتمون؟ «٣» .

وإن كان لمن بعدهم أيضا، شرف الاتباع والاقتداء والأخوّة، التي بينها


(١) سبق ذكره أعلاه، ص ٦٤. أخرجه البخاري: كتاب المغازي، باب غزوة الحديبية، رقم (٣٩٢٣) انظر كذلك: سير أعلام النبلاء (٣/ ١٩٢) .
(٢) أخرجه البخاري: كتاب فضائل الصحابة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لو كنت متخذا خليلا» ، رقم (٣٤٧) . وأخرجه مسلم: كتاب فضائل الصحابة، باب تحريم سب الصحابة رضي الله عنهم، رقم (٢٥٤٠) . ويرد ذكره أدناه.
(٣) انظر كذلك على سبيل المثال الواضح: سورة التوبة (١٠٠) ، سورة الفتح (١٨) ، سورة الحشر (٨- ١٠) .

<<  <   >  >>