قال: وجبلا عكاد فوق مدينة الزرائب، وأهلها باقون على اللغة العربية من الجاهلية إلى اليوم: لم تتغير، بحكم أنهم لم يختلطوا بغيرهم من الحضارة في مناكحة، وهم أهل قرار لا يظعنون عنه ولا يخرجون منه.
ثم رأينا في "القاموس" لمجد الدين بن يعقوب الفيروزآبادي المتوفى بمدينة زبيد سنة ٨١٧هـ في مادة "ع ك د" أن عكاد جبل باليمن قرب مدينة زبيد "وأهله باقية على اللغة الفصيحة"؛ وقد زاد شارحه مرتضى الزبيدي -أقام بمدينة زبيد مدة طويلة فعرف بهذا اللقب- المتوفى سنة ١٢٠٥هـ قوله:"إلى الآن"، ثم قال: ولا يقيم الغريب عندهم أكثر من ثلاث ليال خوفًا على لسانهم.
ولا يعرف قوم خلصت لغتهم غير أولئك العكاديين؛ وعبارة ياقوت تدل على أنه لم يكن يعرف في زمنه غيرهم أيضًا، على أن لسان البدو النازلين في الجنوب من شبه جزيرة العرب لا يزال إلى اليوم أكثر شبهًا بالفصيح من بعض الوجوه دون غيرهم من سائر العرب، وأظهر ما يكون ذلك على ما تبينه الرواد في سكان حارب وبيحان. وكذلك يقال في قبائل فهم وقحطان في الحجاز: إنهم أكثر انطلاقًا في الألسنة من سائر عرب الشمال، والله أعلم.