والمراد بهذه الطرق، الاصطلاحات التي تثبت بها اللغة لمن يأخذها وتصح روايته عند الأداء، وهي أيضًا من أوضاع المحدثين، ولهم فيها كلام مستفيض، وعندهم لها علامات خاصة بالأسانيد والصيغ لم تجر على اللغة ولا محل لبسط الكلام عليها.
وطرق الأخذ في اللغة ست، نذكرها توفية للفائدة، وليتبين بها القارئ مواقع الأخبار من درجات الرواية فيما يقرؤه منشورًا في كتب الأدب، ثم ليعلم ما كان يرمي إليه العلماء بهذه الاصطلاحات التي يراها متشابهة في الدلالة وبينها عندهم اختلاف؛ وهي:
١- السماع من لفظ الشيخ أو العربي، وللمتحمل بهذه الطريقة عند الأداء صيغ تتفاوت بحسب منزلة الرواية، فأعلاها أن يقول: أملي علي فلان، ويليها: سمعت فلانًا، ويلي ذلك أن يقول: حدثني أو حدثنا فلان ثم أخبرني أو أخبرنا فلان، ثم قال لي فلان، ثم قال فلان "بدون الإضافة إلى نفسه"، ومثله زعم فلان؛ ويلي ذلك قول الراوي عن فلان، ومثلها إن فلانًا قال:
وهذا في اللغة والخبر، أما في الشعر فيقال: أنشدني وأنشدنا، وقد تستعمل فيه بعض تلك الاصطلاحات أيضًا.
والسماع أصل الرواية؛ ولكن علماء البصرة كانوا يأنفون أن يأخذوا من علماء الكوفة، أو يسمعوا من أعرابهم١، وقالوا: وأول من أحدث السماع بالبصرة خلف الأحمر، وذلك أنه جاء إلى حماد الراوية "وهو كوفي" فسمع منه وكان ضنينًا بأدبه.
٢- القراءة على الشيخ، ويقول عند الرواية: قرأت على فلان.
٣- السماع على الشيخ بقراءة غيره، ويقول عند الرواية: قرأ علي فلان وأنا أسمع، أو أخبرني قراءة عليه وأنا أسمع.