ومن التوشيح ما لا يكون معربًا، وهو من اختراع أدباء اليمن؛ قال صاحب "سلافة العصر": ولأهل اليمن نظم يسمونه الموشح، غير موشح أهل المغرب، والفرق بينهما أن موشح أهل المغرب يراعى فيه الإعراب بخلاف موشح أهل اليمن فإنه لا يراعى فيه شيء من الإعراب، بل اللحن فيه أعذب؛ وحكمه في ذلك حكم الزجل ا. هـ "ص٢٤٣".
ولم نزل نبحث عن أصل هذا النوع حتى وقفنا في كتاب "نفحة اليمن" لأحد الأنصاري اليمني الشرواني١، وهو مطبوع في مصر، على نوع سماه الشعر الحميني لا يكون إلا ملحونًا، وقال إنه منسوب إلى الفضل الأديب محمد بن حسين الكوكباني اليمني، وهو توشيح أوله:
ما لقلبي لم يزل عشقو فنون ... في هوى حال التثني والمجون
زي الغصون قد فنى صبري وقل الاحتيال
قد قسم قلبي بأسياف الجفون ... وقسم لي الهوى تلك العيون
ريب المنون ما حياتي بعد ذا إلا محال
وقال: إن شعراء اليمن هم فرسان هذا الميدان، وحاملوا لواء هذا الشأن؛ وعلى هذه الطريقة نظم بعض علماء المتأخرين على نمط الشعر، كقصيدة الشيخ عليش الشهيرة التي مطلعها:
الزم باب ربك ... واترك كل دون
وأورد في النفحة قصيدة في هذا النمط قال إنها للفاضل البكري؛ فهذا هو الشعر الحميني على ما عرفت، وهي تسمية أهل اليمن؛ أما المغاربة فقد استحدثت عامتهم من هذا النمط أنواعًا بأسماء أخرى، وسنشير إليها بعد.
١ ذكر في موضع من كتابه هذا أنه كان بكلكوتا سنة ١٢٢٢.