للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[طرفة بن العبد]

[مدخل]

...

طرفة بن العبد ١:

هو طرفة بن العبد بن سفيان، نسبه المفضل إلى معد بن عدنان، ويقولون إنه أشعر الشعراء بعد امرئ القيس، وإنما نظروا إلى مرتبة قصيدته في الطوال على الترتيب المشهور؛ وإلا فامرؤ القيس مختلف في تقديمه عندهم، وقد أورد صاحب "الجمهرة" قصيدة طرفة آخر السبع، فقدمهم عليه جميعًا، وهو على رأي المفضل من أن أصحاب السبع هم: امرؤ القيس، وزهير والنابغة، والأعشى، ولبيد، وعمرو، وطرفة؛ ولما كانت مثل هذه الأقوال المتضاربة لا تعدو الآراء المرتجلة التي لا ثبت لها، فقد اخترنا إهمالها؛ لأن الرأي لا يزال يعارضه مثله إلى أن ينقطع عند البرهان.

كان طرفة ابن أخت الشاعر المتلمس، وابن أخي الشاعر المعروف بالمرقش الأصغر، فالتقى إليه الشعر من طرفيه؛ وكان في حسب من قومه، جريئًا على هجائهم وهجاء غيرهم، ولا يعرف من تاريخ نشأته إلا القليل مما لا يتهيأ به الحكم على مبلغ تأثير نشأته في شعره، غير أن جملة ما يؤخذ من ذلك أنه كان أبيا معتدا بنفسه، مدلا على قومه، واثقًا بمنزلته منهم، جريئًا بمقدار ما تدفع هذه الثقة، مترفعًا إلا عن الملوك، يرجوهم ويهجوهم؛ فهو يذهب إليهم بنفسه ولكنه يمثل لديهم وكأن في برديه حاشيتي قومه. ولا يعلل ذلك إلا بأنه كان غرا لم تسلم به السن بعد إلى مذهب عن نزق الحداثة وسكرة الشباب؛ لأنه مات وله خمس وعشرون سنة بدليل قول أخته الخرنق في رثائه:

عددنا له خمسًا وعشرين حجة ... فلما توفاها استوى سيدًا ضخما

فجعنا به لما استتم تمامه ... على خير حال ولا وليدًا ولا قحما

القحم: المتناهي في السن. ويروى: ستا وعشرين حجة. وقال بعضهم: إنما بلغ عمره نيفًا وعشرين سنة، فلا يبعد أن تكون ثم رواية: إحدى وعشرين حجة، وعلى أي هذه الأقوال فقد خب هذا الشاعر وركض بسنيه القليلة في مثل الأعمار الطوال، وكان منصبا على اللهو، يعاقر الخمر ويتلف بها ماله, فأورثته جنون الكبرياء وقتلته بلسانه الذي انتضى منه سيف الهجاء, روى الجاحظ "البيان: الجزء الأول": قيل لامرئ القيس بن حجر: ما أطيب عيش الدنيا؟ قال: بيضاء رعبوبة، بالطيب مشبوبة، بالشحم مكروبة! وسئل الأعشى فقال: صهباء صافية تمزجها ساقية؛ من صوب غادية! وقيل مثل ذلك لطرفة فقال: مطعم شهي. ومركب وطي!.


١ ذكر الآمدي في المؤتلف والمختلف: من اسمه طرفة من الشعراء أربعة: أولهم هذا. والثاني طرفة بن ألاءة بن نضلة. والثالث طرفة الجذمي أحد بني جذيمة العبسي. والرابع طرفة أخو بني عامر بن ربيعة "ص٤١٧ ج١: الخزانة".
قلت: وهذا الثالث ذكره صاحب القاموس في مادة "طرف" وسماه طرفة الخزيمي من بني خزيمة بن رواحة ... وأحسبه خطأ والصواب ما نقل الرافعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>